تنوع أصول التأليف في الثقافة الشعبية

ثقافة شعبية 2019/10/13
...

  باسم عبد الحميد حمودي
إن تنوع الأصول التأليفية لمواد الثقافة الشعبية لا يعد قاعدة عامة تسري على كل فقرات وموادهذا الباب,ولكنها  حاضرة في الحكاية والأسطورة التي تنتقل من مدينة الى أخرى ومن بلد الى آخر,كما أنها تتعلق بالتغييرأو التشابه المتعلق بالمعتقدات. 
من ذلك ما يشير اليه أبو عبد الله محمد الزهري في كتابه ( الجغرافية) حيث يذكر الكثير من المخلوقات الغريبة منها ما هو موجود في جزيرة الواق واق ودواب العنبر وحيوانات ,ومنها جواري البحر وهي كما يقول حيتان في البحر لها آذان  وأجنحة كأجنحة الطير ولهن رؤوس وأعناق مثل الآدميين ولهن  شعور تلعب على ماء البحرلا تظهر ولا ترى الأ في
 الليل .
نحن نجد مثل هذا المعتقد الخرافي ما يشبهه لدى النساء النوبيات بأيمانهن ب(الدجري ) الذي يصفه السيدأحمد حامد في دراسته عنه المنشورة في العدد27 من سنة 1992 من مجلة (المأثورات الشعبية) اذ يقول : كائنات تعيش في النيل شبيهة بالانسان ماعدا  وضع العينين اللتين تكونان في وضع رأسي مغاير لوضعهما عند الأنسان, كما أن الثديين طويلتان ومكتنزتان ومرفوعتان على الكتفين لثقلهما,وهي كائنات خيرة لا تصيب الانسان .بضرر ولا أذى.
هنا تقوم التزامات بين نساء النوبة المجاورات للنيل والدجري منها تزويده بالطعام واللجوء اليه في حالة العقم والميلاد والزواج والوفاة
أن ذلك الخير الذي تجسده مخلوقات الدجري النوبية النيلية,لايتطابق ومعتقد النوبة بالصحراء المجاورة التي تنتشر فيها المخلوقات الشيطانية المؤذية في عرف النوبيات,كما أن خير (الدجري )يشابهه خير جواري البحر التي ورد وصفها لدى الزهري,ولا يشابهه المعتقد الشعبي العراقي بـ(السعلاة) التي يتشابه وضع جلوسها على ضفاف النهر مرفوعة الثديين الى الخلف وشديدة الاذى للنساء والاطفال,ولكن أذا استطاع رجل شجاع أو فتى الوصول اليها من خلفها ورضع ثديها فأنها تصبح أسيرة له وتدخل في طاعته.. على ما يصفون.
إن حكاية حسين النمنم الذي تزوج بالسعلاة تسير كحكاية شعبية وسط مدن صلاح الدين,وأحفاد حسين النمنم يروونها بفخر ولكن: كم هي صحة الرواية المؤلفة على شاطئ دجلة قديما؟
 من جهة اخرى نجد أهل بغداد يقومون بطقوس ارسال النذور الى الخضرعليه السلام,ويكون ذلك بقيام المرأة الناذرة عند المغرب بأشعال شمعة أو أكثر على كربة نخلة أو خشبة  وتوضع في الماء لتطوف في دجلة فيما تنطق المرأة مع ذاتها بمطلبها ,فأن تحقق أحتفت المرأة الناذرة ووزعت الطعام الذي قررت صنفه عند مقام الخضر بالكرخ مقابل محلة الست نفيسة –ساحة الطلائع اليوم
إن هذه الأصول المتقاربة حينا والمتضادة حينا آخر تشي بثراء  التجربة الاعتقادية الشعبية وتقدم مادة اثنولوجية وسايكولوجية للدرس
والمحاورة.