الجيش التركي يسيطر على طريق ستراتيجي ويواصل التوغل

قضايا عربية ودولية 2019/10/14
...

  اسطنبول / فراس سعدون/  بيروت/ جبار عودة الخطاط 
في وقت بدأت فيه حالة من السباق العسكري للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من أراضي شمال وشمال شرق سوريا، إثر تحرك قطعات من الجيش السوري، عبر أكثر من محور، لبلوغ مدن حدودية مهمة، وتسلمها من التنظيمات المسلحة الكردية، عقب اتفاق بين قيادة دمشق وقيادة تلك التنظيمات عبر الوسيط الروسي، وذلك لمنع الجيش التركي وحلفائه السوريين من الوصول إلى تلك المدن والسيطرة عليها، كما حدث في تل أبيض ورأس العين وطريق ستراتيجي يقع بعدهما، أعلن وزير الخارجية اللبناني ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أنه سيقوم بزيارة دمشق كاسراً بذلك الحظر السياسي اللبناني الذي تحاول الحكومة اللبنانية فرضه على سوريا تحت عنوان النأي بالنفس. 
 وفي ظل رفض الرئاسة التركية دعوات الوساطة والتفاوض لإنهاء العملية العسكرية المسماة "نبع السلام" والهادفة إلى إقامة منطقة آمنة شرق نهر الفرات، وربما غربه أيضا، لأهداف عديدة في مقدمتها طرد التنظيمات المعادية لأنقرة، وإعادة توطين الملايين من السوريين الموجودين في تركيا ، دفع تقدم القوات التركية وسعيها للتمدد نظيرتها السورية إلى التحرك صوب الحدود، لمسك مناطق ستراتيجية قبل أن يصلها الأتراك، وذلك بالاتفاق مع مسؤولين في الإدارة الذاتية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وقال الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، في مؤتمر صحفي: إن التوغل التركي في سوريا سيمتد من كوباني في الغرب إلى الحسكة في الشرق بعمق نحو 30 كم.
وأوضح اردوغان "ركزنا أولا على المنطقة البالغ طولها 120 كم بين رأس العين وتل أبيض، ثم سنقسم الممر الإرهابي البالغ طوله 480 كم من المنتصف". وأضاف "بعد ذلك سنسيطر على الحسكة من جانب، وكوباني من جانب آخر، ونكمل العملية"، متابعا "سنذهب إلى عمق يتراوح بين 30 و35 كم، وفقا لخريطة المنطقة الآمنة التي أعلناها من قبل".
وأفادت وسائل إعلام سورية رسمية بان الجيش السوري حرك قواته إلى جبهات القتال في شمال شرق البلاد، لمواجهة ما وصفته "العدوان التركي".
وقال عصمت شيخ حسن، مسؤول قوات الدفاع في ما يعرف بالإدارة الذاتية؛ إن الإدارة الكردية توصلت لاتفاق مع روسيا يقضي بتسليم مدينة عين العرب (كوباني) للجيش السوري، متوقعا أن تنتشر قوات الجيش في منبج أيضا، وهما خاضعتان حتى الآن لسيطرة قسد.
ونقلت وكالات أنباء دولية عن مصادر ميدانية أن قوات من الجيش الروسي تسلمت أحياء في حلب، وأخرى تحركت نحو كوباني، وثالثة دخلت تل تمر شمال الحسكة، ورابعة وصلت مطار الطبقة العسكري جنوب الرقة.
وعلق إردوغان، على هذه الأنباء، بأن "هناك الكثير من الشائعات، ويبدو أنه لن تحدث مشكلة في عين العرب (كوباني)"، مضيفا "عند تحرير مدينة منبج سيدخلها أصحابها الحقيقيون".
وتتسارع الأحداث بعد بدء القوات الأميركية عمليات إجلاء من الشمال السوري، وسط حديث عن خطة لسحب معظم القوات في الأيام المقبلة.
وقال مارك إسبر، وزير الدفاع الأميركي: إن الرئيس دونالد ترامب أمر ببدء سحب نحو 1000 جندي، في حين كتب ترامب على تويتر ان من الذكاء عدم الانخراط في القتال العنيف على الحدود التركية السورية.
 
التطورات الميدانية
وأعلنت وزارة الدفاع التركية أن قواتها سيطرت على الطريق السريع "أم 4" جنوب المنطقة الممتدة بين بلدة رأس العين ومدينة تل أبيض، بعمق يتراوح بين 30 و35 كيلومترا داخل الأراضي السورية.
ويربط طريق "أم 4" محافظة الحسكة بمحافظتي الرقة وحلب، وصولا إلى محافظة اللاذقية غربا، وتأتي السيطرة على هذا الطريق الحيوي، عقب إعلان السيطرة على تل أبيض شمال شرقي سوريا، وهي مدينة انتزعت الوحدات السيطرة عليها من تنظيم داعش الإرهابي عام 2015 بدعم من التحالف الدولي.
وذكرت الدفاع التركية، على حسابها في تويتر، أن قواتها حيّدت 525 مسلحا منذ انطلاق العملية العسكرية الأربعاء الماضي.وقتل 14 على الأقل بينهم مدنيون وأصيب آخرون في ضربة جوية تركية استهدفت موكب سيارات في رأس العين كان يحمل صحفيين و مسلحين.وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان: إن الضربة أصابت تجمعا كان قادما من القامشلي إلى رأس العين، في حين أفادت محطة فرانس 2 بان صحفيين قتلوا في الضربة.
وارتفعت حصيلة ضحايا المدنيين الأتراك إلى 18 قتيلا و147 مصابا وقعوا جراء تعرض مدنهم وقراهم القريبة من الحدود لقصف من داخل سوريا بـ652 قذيفة.
 
حديث عن فرار دواعش واتهام بالتضليل
وأبدى اردوغان استعداد تركيا لاتخاذ التدابير حيال محتجزي داعش في سجون قسد، مشيرا إلى أنه بحث هذه المسألة مع ترامب.
وقال "نحن على استعداد لاتخاذ كل الاحتياطات جنبا إلى جنب لإجلاء مساجينهم ووضعهم في السجون". وواصل "أعطيت تعليمات لفريقي، وهو (ترامب) أعطى تعليماته لفريقه، وكلا الفريقين سيعملان معا".
ونفى الرئيس التركي صحة تقارير عن هروب سجناء من داعش، واصفا تلك التقارير بأنها كاذبة ومضللة، وتهدف إلى استفزاز الولايات المتحدة وسائر الدول الغربية.
وكانت الإدارة الذاتية قالت: إن 785 أجنبيا من أفراد أسر "داعش" فروا، الأحد، من مخيم عين عيسى بعدما طاله قصف تركي.
وتضم مخيمات عين عيسى وروج والهول 12 ألف شخص من أسر "داعش" يقبع معظمهم في مخيم الهول.
 
رفض الوساطة والتفاوض
ورفض إردوغان وساطة طرحها زعماء دول والتفاوض مع التنظيمات.
وقال اردوغان "هناك من يعرضون الوساطة بيننا وبين التنظيم الإرهابي". وتساءل باستنكار "كيف أصبح هؤلاء رؤساء حكومات ودول؟ هذا ما لا يمكن فهمه"، مردفا "متى رأيتم دولة ما تجلس إلى طاولة المفاوضات مع منظمة إرهابية؟".
وكان ترامب وبوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، بين من عرضوا الوساطة والتفاوض على اردوغان.
وطلبت أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، من الرئيس التركي، في اتصال هاتفي، وقف العملية العسكرية، كما دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى ذلك.
وصرّح جان إيف لو دريان، وزير الخارجية الفرنسي، لدى وصوله أمس الاثنين لوكسمبورغ لحضور اجتماع مع نظرائه الأوروبيين، بأن "فرنسا تتوقع من هذا الاجتماع ... توجيه طلب محدد لإنهاء الهجوم ... واتخاذ موقف صارم بشأن صادرات الأسلحة لتركيا ... ومطالبة الولايات المتحدة بالدعوة لعقد اجتماع للتحالف الدولي".
وتوعد جوزيبي كونتي، رئيس الوزراء الإيطالي، بالسعي لفرض حظر أوروبي على بيع الأسلحة لتركيا، إثر تعليق دول أوروبية منها فنلندا وفرنسا وألمانيا وهولندا والنرويج تصدير الأسلحة لتركيا.
وردّ اردوغان على قيود التسليح الأوروبية بأن أنقرة قادرة على تأمين احتياجاتها من الأسلحة عبر مختلف المصادر.
وكشف عن أسئلة وجهها لميركل بهذا الخصوص "ألسنا حليفين في الناتو؟ أم أنكم أدرجتم تنظيما إرهابيا في الناتو ولا أعلم؟ هل يوجد هناك موقف كهذا؟ هل أنتم معنا أم مع تنظيم إرهابي؟".
وردت وزارة الخارجية التركية على المواقف الأوروبية بمطالبة الدول الأوروبية بتعزيز التدابير لحماية المصالح التركية من ممارسات أنصار العمال الكردستاني.
وأشّرت الخارجية التركية، في بيان، تزايد الاحتجاجات أمام البعثات الدبلوماسية التركية بعد انطلاق العملية العسكرية، مطالبة بحماية البعثات وضمان أمن العاملين والمواطنين الأتراك. 
 
موقف لبناني
في سياق متصل وفي خطوة قوبلت بالترحيب  من قبل أوساط حزب الله والقوى والجمهور الموالي له و شكلت ما يشبه الصدمة لفريق رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري وما كان يعرف بقوى الـ ١٤ آذار أعلن وزير الخارجية اللبنان ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أنه سيقوم بزيارة دمشق كاسراً بذلك الحظر السياسي اللبناني الذي تحاول الحكومة اللبنانية فرضه على سوريا تحت عنوان النأي بالنفس.. جبران أعلن  امس الاثنين "أنا أريد أن أذهب إلى سوريا لكي يعود الشعب السوري إلى سوريا كما عاد جيشها. السيادي الحقيقي يريد سوريا في سوريا بجيشها ونازحيها وشعبها، والسيادي المزيف يريد إبقاء نازحيها في لبنان. مشكلته فقط أنه مختلف مع نظامها" جاء ذلك في احتفال للتيار الذي يتزعمه الرئيس ميشال عون في بلدة الحدث من بيروت.
هذا الإعلان ربما يمثل خطوة مفاجئة للكثير من العرب الذين يملكون أدوات تأثير في لبنان لاسيما العربية السعودية لذا سارع  رئيس الحكومة سعد الحريري،  عبر مكتبه الإعلامي الى التصريح بأن البيان الوزاري للحكومة لم يقارب مسألة عودة سوريا الى الجامعة، وهو قرّر التأكيد على سياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في الشؤون العربية، وانّ موقف الحكومة من التطورات العسكرية على الحدود التركية السورية يعبّر عنه بيان وزراء الخارجية العرب وليس أي موقف آخر، في إشارة منه إلى عدم تأييد الموقف الذي أعلنه باسيل ضد العملية العسكرية التركية في سوريا، والذي أعتبره البعض خروجًا عن سياسة النأي بالنفس، كما جاء في البيان الوزاري.
هذا الموقف ليس بالجديد فقد أعلن الوزير جبران نفسه خلال كلمته في الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب بضرورة عودة دمشق الى أحضان الجامعة العربية وأيده في هذا الموقف العراق ، حيث أكد جبران بأن "إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية يجب أن تكون أول رد على العدوان التركي"، وأضاف أنه "يجب عقد قمة عربية طارئة تكرس المصالحة"
كما أشار الى ذلك رئيس الجمهورية اللبنانية  ميشال عون  في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيوريرك" .