يجتمع وزراء مالية ومحافظو البنوك المركزية لدول العالم في واشنطن ضمن الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين وسط مخاوف متزايدة من اتجاه الاقتصاد العالمي نحو الركود.
تتسبب توقعات التراجع الحاد بقلق صناع القرار، علماً منهم بأن فقدان الوظائف وتراجع إيرادات الضرائب سيؤديان الى اضطراب اجتماعي فحسب. وسألت المديرة الجديدة لصندوق النقد كريستالينا جورجييفا الدول المنخرطة بالحروب التجارية اذا كانوا يجرؤون على تجاهل تحذيرات بخصوص أكبر تهديد للاقتصاد العالمي منذ الأزمة المالية.
عموماً، تتجاوز أجندة كريستالينا المصاعب قصيرة المدى المفروضة من هذا التراجع، إذ قالت إنَّ الأهداف طويلة المدى لمنظمتها تشمل “التعامل مع قضايا مثل عدم المساواة والمخاطر المناخية والتغير التكنولوجي السريع”.
تشتهر جورجييفا، بلغارية الجنسية والشخص الثاني سابقا في البنك الدولي، بالتزامها بمعالجة الأزمة المناخية بعد بدء العمل في محاضرات أكاديمية عن قضايا التنمية قبل حصولها على منصب في البنك الدولي بصفة اقتصاديَّة بيئيَّة.
ارتقت جورجييفا البالغة من العمر 66 سنة المناصب لتصبح نائب رئيس وأميناً عاماً قبل الموافقة على ترشيحها عام 2010 من قبل حكومة بلادها لمنصب مفوضة أوروبية. وكانت مسؤولة عن المساعدة الإنسانية وإدارة الأزمات قبل الفترة الثانية عام 2014 كمفوضة للتعاون الدولي والتنمية.
مع احتفال صندوق النقد بالذكرى 75 لتأسيسه، فإنَّ إيجاد طريق لتوحيد سياسات تعالج التغير المناخي مع خطط النمو الواسع للناتج المحلي الإجمالي في العالم النامي وإغلاق فجوات عدم المساواة لن يكون أمراً سهلاً.
ذكرت جورجييفا سراً أنَّ الصندوق يؤدي دور اللحاق بالركب بعد سنوات من مداهنته للمخاوف البيئية، وركز على النمو الاقتصادي المبني على أساس التجارة الحرة والمفتوحة لا أكثر. أما النشاط الاعتيادي بتقديم القروض للدول المدينة فيرتبط عادة بإصلاحات سوق العمل وعمليات خصخصة تخدم مالكي المشاريع على حساب العمال. يقول كينيث روغوف كبير اقتصاديي صندوق النقد بين عامي 2001 و2003 إنَّ الصندوق بحاجة للاحتفاظ بموقفه المتشدد عند تقديمه القروض، قائلا إنَّ جورجييفا سيكون من الأفضل لها إيجاد منظمات أخرى لزيادة مساعدة الدول المدينة.
ترأس جورجييفا مباحثات كيفية تنفيذ زيادات كبيرة بضرائب الكاربون، وتشمل استهلاك البنزين والديزل والنفط والغاز. وتفتقد هذه السياسة لخارطة طريق للحكومات تظهر كيف تبتعد عن اقتصاد معتمد على الكاربون الى اقتصاد خالٍ منه تقريباً، كما ذكر نقاد للصندوق.
قال صندوق النقد الدولي إنَّ زيادة درجة حرارة العالم ستتطلب من الحكومات حول العالم فرض ضرائب صارمة على استخدام الوقود الأحفوري وتعني زيادة بنسبة 43 بالمئة على فواتير الطاقة العائليَّة خلال السنوات العشر المقبلة.
الاكوادور آخر دولة ترفع الضريبة على الوقود المحلي والبنزين لتواجه مظاهرات غاضبة، وأعلنت خفض دعم الوقود كجزء من خطة تقشف بقيمة 4،2 مليار دولار مع صندوق النقد، ما أثار أعمال شغب وأجبرت الحكومة على مغادرة العاصمة كويتو.
اذا كان الصندوق جادا بمعالجة عدم المساواة، فعلى جورجييفا تغيير اتجاه السياسات بالقوة ذاتها التي أحدثتها في مجال البيئة. تعرض الصندوق لانتقادات لبعض الوقت لأنه ساعد دولاً ضربتها كوارث طبيعيَّة فقط بقروض لا تتحمل تسديدها. وتقول منظمة خيريَّة تعارض التقشف وتؤيد التخلي عن ديون الدول الفقيرة إنَّ على جورجييفا مراجعة دعم الصندوق لدول دمرتها الأعاصير والزلازل وموجات التسونامي.
كانت موزامبيق تتعامل مع فضيحة قروض بقيمة ملياري دولار وعجز مستمر عندما تعرضت لأضرار كبيرة بسبب الإعصار إيداي.
ووفر الصندوق أكثر من 100 مليون دولار قروضاً قصيرة المدى سوف يكون سدادها مستحيلاً بدون تعطيل الخدمات العامة أو جهود الانعاش. تواجه جورجييفا مشكلة أخرى وهي عدم شمول الصندوق، إذ انتقد الاقتصادي جوزيف ستيغليتز، الفائز بجائزة نوبل وكبير الاقتصاديين السابق بالبنك الدولي، هيمنة وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية على الصندوق، وقال إنَّ “إجماع واشنطن” يعزز الاستقرار والليبرالية والخصخصة على حساب حقوق العمال وعدم المساواة”، ويضيف أن زعماء النقابات وممثلي الهيئات الأخرى يجب اشراكهم بصنع القرار.
المشكلة القديمة هي هيمنة المسؤولين الأميركيين واستبعاد الدول النامية علماً أنها تشكل نسبة أكبر من التجارة ونمو الناتج المحلي الاجمالي، فضلاً عن وقوفها على الخط الأمامي بالتعامل مع تأثيرات زيادة درجات الحرارة.
صحيفة الغارديان