د. حسين القاصد
تشكو الأسواق العراقية ومحال التبضّع في كل أنحاء البلاد، بل حتى المفاصل التي لها صلة شديدة بحياة المواطن من مشافٍ أهليّة - لاسيما بعد عجز المؤسسة الصحية الحكومية عن معالجة المرضى، أو حتى إحالة المريض مما هو حكومي إلى مشفى أهلي بمزاجية وفساد واضح. بعد كل هذه التراكمات؛ تشكو من كساد تام، ولعل من المضحك المبكي أن يكون سبب هذا الكساد هو القروض التي تمنح للمواطن.
قد يسأل القارئ الكريم، أن كيف يتسبب الغنى والازدهار المالي للمواطن بكساد وشلل تام لتبادل استمرار الحياة بين الناس ! .
أقول: وبعد غضبة العوز والحرمان وتظاهرات الشعب بسبب شحة التعيينات وانعدام الخدمات بكل انواعها؛ وبعد مطالبة حملة الشهادات العليا والعاطلين عن العمل، وبعد التظاهرات وما رافقها من خسائر في الأرواح والبنى التحتية للبلد، مع ان البنى التحتية محنطة منذ زمن بعيد!! ، أقول: إنّ مواطنا يقترض مبلغا كما في الإعلان الآتي، متى وكيف يتسنى له أن يتسوق ويتبضع؟ وهل ينذر عمره للتسديد بسبب عوز مؤقت، أجبره على الاقتراض.
إعلان:
يعلن مصرف الرافدين عن زيادة سقف السلف الالكترونية للموظفين الموطّنة رواتبهم
١ - السلفة ٥٠٠٠،٠٠٠ القصد الشهري ١٠٦،٩٤٥ فائدة القرض ٢،٧٠٠،٠٠٠
٢- السلفة ١٠،٠٠٠،٠٠٠ القصد الشهري ٢١٣،٨٨٩ فائدة القرض ٥،٤٠٠،٠٠٨
٣- ١٥،٠٠٠،٠٠٠ القصد الشهري ٣٢٠،٨٣٤ فائدة القرض ٨،١٠٠،٠٤٨
٤- ٢٠،٠٠٠،٠٠٠ القصد الشهري ٤٢٧،٧٧٨ فائدة القرض ١٠،٨٠٠،٠١٦
٥- ٢٥،٠٠٠،٠٠٠ القصد الشهري ٥٣٤،٧٢٣ فائدة القرض ١٣،٥٠٠،٠٠٠
مدة التسديد ٧٢ شهرا
مدة التسديد القصد الشهري - مجموع السلفة - السلفة - فائدة القرض.
انتهى الإعلان، وبغض النظر عن عدم تفريق المختصين بين (القصد) و(القسط) صار راتب الموظف او المتقاعد أو المقترض مخصصا للتسديد التعسفي المضاعف، وفق نسب الفوائد والأقساط غير المعقولة، التي اضطر المواطن لها بعد انغلاق جميع أبواب الأمل في التواصل مع هموم حياته اليومية.
ماذا عن أسواق الملابس والتبضع اليومي، وكل ماله صلة وتماس بالحياة؛ فالمقترض وفق الفوائد ومدد التسديد وقيمة القسط في أعلاه، سوف لن يبقى له من راتبه الشهري غير اجرة الباص الذي يُقله إلى مكان تسديد القسط الشهري، أو أجور النقل لدائرته التي منحته قرضا، وعليه الالتزام بالدوام يوميا كي يحافظ على راتبه الشهري لكي يتسنى له تسديد القسط الشهري!
فهل هي قروض لغرض تسديد القروض بفوائد أكثر؟ أليس المفروض أنها اعانة للمواطن؟ متى تنتبه الجهات المعنية بأن أكبر الأزمات تبدأ بالعوز، فكيف يعالج العوز بعوز مضاعف، ونحن في بلد لم يعد بامكانه أن يحتمل أزمات جديدة.