السكن أولاً!

اقتصادية 2019/10/21
...

ياسر المتولي 
 
قراءة اقتصاديَّة في نتاج الحراك الاجتماعي الذي تمثل بالمطالبات المشروعة والتي أفرزت برنامجاً إصلاحياً حكومياً يفترض أنْ يكون منقذاً من الانهيار.
وننطلقُ بسلسلة مقالات تحليليَّة وقراءة موضوعيَّة للبرنامج ومقترحات حلولٍ متزامنة مع مرحلة التنفيذ المنتظرة ولتكنْ البداية مع أزمة السكن كونها نصف الحل من المنظور الاقتصادي. فمشكلة السكن كانت منذ فترة التغيير وحتى اللحظة التحدي الأكبر التي واجهت الاقتصادي العراقي. حيث حددت الحاجة الفعليَّة للسكن منذ العام ٢٠٠٤ باحصائية فعلية بلغت ٣ ملايين ونصف المليون وحدة سكنية . وقد تلكأت معظم الحكومات المتعاقبة في حلها فتفاقمت المشكلة وارتفعت النسبة الى خمسة ملايين وحدة سكنية وقاد هذا التلكؤ الى ظهور العشوائيات هنا وهناك مع تنامي الحاجة للسكن . وكان الخيار الأمثل للتخفيف من الأزمة في وقتها مشروع بسماية الذي كان المخطط له أنْ يتضمن مئة ألف وحدة سكنيَّة لكنه تعثر بسبب التجاذبات السياسيَّة، على أية حال إنَّ الاثر البيئي لأزمة السكن هذه أنتج ليس العشوائيات فقط وإنما مزق التصميم الأساس للمدن وشوه التخطيط الحضري لها عبر فورة تجزئة المساحات الكبيرة الى ٥٠ متراً عدا ضغط الخدمات العامة. ومن الآثار الأخرى أدت الى الضغط على خدمات البنى التحتية ايضاً من ماء ومجاري وكهرباء، ما زاد من وتيرة مشكلتها. إنَّ الضاغط الاجتماعي الأخير الذي أعاد لأزمة السكن محاولات لحلها وللنظر بجدية لهذا الحل، ما الجديد وما هي متطلبات النجاح؟. إنَّ قرار بناء المساكن واطئة الكلفة للشريحة المستحقة من ساكني العشوائيات ومن الطبقات الفقيرة يتعين أن يرافقه قيام الأجهزة التنفيذيَّة بتهيئة موضوعة البنى التحتية لها وتخطيطها واختيار مواقع مناسبة بما يؤمن سكناً لائقاً وحضارياً، لا أنْ تنفذ من دون دراسة وافية من حيث الموقع وخدمات الماء والكهرباء والمجاري. نعتقد أنَّ هذا المفصل الحيوي والمهم - وأقصد معالجة أزمة السكن - من بين القرارات ذات الأولويَّة في معالجة واحد من أهم التحديات الأخرى، ألا وهو البطالة، إذ سيوفر قطاع السكن الآلاف من فرص العمل ويسهمُ في امتصاص البطالة، وكنا ومنذ عقد ونصف من الزمن نشير في مقالاتنا هنا الى أهمية قطاع السكن في تحريك السوق باتجاه حل التحديات المستعصية. إنَّ ما رافق قرار معالجة أزمة السكن والذي لم يقتصر على الشريحة المستحقة مجاناً إنما بإطلاق قطاع السكن والقروض المدعومة بفوائد بسيطة أيضاً وكذلك إطلاق الاستثمار الخاص الأجنبي والمحلي في مجال السكن كل ذلك سيجعل أزمة السكن في طريق الحل وكما أسلفت فهي نصف الحل للمطالب الاجتماعيَّة ولكنْ بشرط التنفيذ قطعاً.الأمل يحدونا بأنْ ينفذ هذا القرار بتخطيطٍ سليمٍ مع كشف خطوات التنفيذ للرأي العام بما لا يتيح المجال للسجالات والتشكيك وإعاقة المشروع وعودة الضاغط الاجتماعي الى نقطة الصفر.