حسين الصدر 

 

- 1 -

جاء في موعظة الامام الحسين بن علي ( عليهما السلام) :

“ أوصيكم بتقوى الله فانّ الله تعالى ضمن لمن اتقاه :

أنْ يحوّله عما يكره الى ما يُحب ،

ويرزقه من حيث لا يحتسب،

فايّاك أنْ تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم ويأمن العقوبة من ذنبه فان الله تبارك وتعالى لا يخدع عن جنته ولا ينال ما عنده الا بطاعته}  

سفينة البحار / ج2 ص 678-679 

لا يصح أنْ تحجبَ مأساةُ الطفوف عنّا المواعظ البليغة والحِكَمَ الثمينة التي أدلى بها سيد شباب اهل الجنة الامام الحسين 

(ع) .

انّ الحسين (ع) مدرسةٌ متكاملة الابعاد، وليست مقصورة على الجهاد وحده،

انها المدرسة التي ترّبي الاجيال، وتعّلمُهُم أعظمَ الدروس في التقوى والايثار والصبر والصدق وعمق الصلة بالله والثبات على الحق والتعامل الانساني الامثل وتدعوهم الى الحياة أحراراً كراماً ،بَدَلَ أنْ يكونوا عبيداً يستذلُهُم الطغاةُ ويعانوا من بطشهم وجورهم .

 

- 2 -

وهذه الموعظة ، هي احدى مواعظه الشريفة التي ابتدأها بالوصية والحثّ على (التقوى)، وما ادراك ما التقوى،

انها جماع الفضائل والمكارم وغاية الغايات في معارج الكمال والاستقامة على خط

 الطاعة .

 

- 3 -

ولا تسع هذه المقالة الوجيزة الاطناب فسنعرّفُ التقوى اولاً ،ونستعرض آثارَها ثانياً ،ونُبينُ مراتبها 

ثالثاً مبتهلين الى الله سبحانه أنْ يوفقنا واياكم لتقواه، وأنْ يمن علينا بمغفرته ورضاه .

التقوى : مأخوذة من الوقاية وهي لغةً الصيانة .

وعرفاً صيانة النفس عما يضرها في الآخرة وحبسُها على ما ينفعها فيها.

وحين سئل الامام الصادق “ع” عن تفسير التقوى روي عنه “ع” انه قال :

( أنْ لا يفقدَك اللهُ حيث أَمرَكَ ، 

ولا يراك حيثُ نهاك ) 

فالالتزام بالواجبات والإعراض عن المحرمات ركنان اساسيان من أركان التقوى .

وقيل لبعض العارفين :

صف لنا التقوى فقال “ اذا دخلت أرضا فيها شوك 

فكيف تعمل ؟

قال :أتوّقى وأتحرز 

قال :

فافعل كذلك في الدنيا فهي التقوى 

راجع سفينة البحار ج2 ص678

 

- 4 -

لقد ذكر الامام الحسين “ع” 

ان التقوى هي الضمان للنقلة النوعية المنتظرة، حيث يتم التحول من الحالة المتأزمة البغيضة الى الحالة الحبيبة المطلوبة .

ولهذه النقلة من الحالة المأزومة الى الحالة المرتجاة ثقلها الكبير في الميزان .

وآثارها الايجابية الكبيرة في حياة الانسان وهي الى ذلك تفتح ابواب الخير على مصاريعها ، ولاسيما باب الرزق الذي يسوقه الله سبحانه الى المتقين من حيث لا يحتسبون، والرزق غير المحتسب أهنأ وأطيب من الرزق المحتسب .

ان الراتب الشهري الذي تتقاضاه هو رزق محتسب 

أما المكافأة المالية الكبيرة التي تصلك نتيجة ادائك الوظيفي الحسن فذلك من الرزق غير المتحسب .

( وعلى هذه فَقسْ ما سواها ) 

وقد ورد من الآيات القرآنية المباركة في التقوى وفضلها وآثارها ما يبهر العقول ويشوق 

النفوس .

قال تعالى :

“ ان الله مع الذين اتقوا “

ومعية الله للانسان غاية الغايات 

وقال سبحانه :

“ انّ الله يُحبُّ المتقين “

واذا احبك الله أكرمك بالنعيم الدائم 

وقال :

“ انّ اكرمكم عند الله أتقاكُمْ “

والتكريم الالهي للانسان هو منتهى آماله وتطلعاته 

وقال :

“ انما يتقبل الله من المتقين “

فهي اذن ضمان لقبول الاعمال ، ومتى ما قبلت الاعمال أحرز الفوز برضا الله .

- 5 -

اما مراتب التقوى فهي ثلاث 

1 – وقاية النفس عن الخلود في النار 

ولا يكون ذلك الا بتصحيح العقائد الايمانية 

والا فان النار مصير الكفّار .

2 – اجتناب المآثم في كل فعلٍ أو ترك ( وهذا هو المدلول الشرعي 

للتقوى ) 

3 – واما المرتبة الثالثة فهي أعلى المراتب وتتمثل بالتوقي عن كل ما يشغل القلب عن الحقّ وهذا هو ( المدلول الأخلاقي ) 

وتلك درجة كبار أولياء الله 

 

 [email protected]