المثقف والإعلام الكاذب

ثقافة شعبية 2019/10/22
...

 
عالية طالب
 
يسهم الاعلام غير المهني بمنافذه المختلفة  بتنشيط مفهوم “ الصحافة الصفراء” التي تجد ارضا خصبة للنماء كلما ازداد حجم التخلف الثقافي والمعرفي والفكري والاخلاقي في المجتمع.  ويوما بعد آخر اصبحت مساحة آسنة يلقى فيها كل ما يسهم في تفتيت المجتمع وتردي مفاهيمه ، واشبه بحلبة سباق لدلق الاكاذيب المنمقة جيدا في دياجير النفوس المريضة التي تجد نفسها فيها كلما ازداد حجم  امراضها واستشرت فيها امراض جديدة.
في كل المجتمعات تنشط او تضمحل الصحف الصفراء التي يرجع تاريخ استخدام عنوانها الى أواخر القرن التاسع عشر، حين نشط اثنان باعتماد منهج تصدير الاكاذيب وتلفيق التهم  بعناوين لافتة بقصد الحصول على الشهرة وترويج المطبوع ، حيث  دأب جوزيف بوليتزر صاحب “نيويورك وورلد”، ومعه “ويليام راندولف “ في صحيفته “نيويورك جورنال” على انتهاج هذا الاسلوب الذي سمي بالأصفر لانهما اعتمدا هذا اللون في رسم شخصية كارتونية تزين صحيفتهما فنال هذا اللون لعنة حمل الصفة وتصدير المهوم الى يومنا هذا على كل اعلام يعتمد التشنيع والتشهير والاكاذيب المفبركة وسيلة للترويج .
محليا بات اللون الاصفر طاغيا على بعض برامج المحطات التلفزيونية والاذاعية ومثلهما صحف تؤمن ان اسهل طريق للشهرة هو في تناول سيرة الاخر والطعن فيها ، ولكون المجتمع يعاني من ازمات  ثقة متعددة في مجالات  كثيرة فإن رواج هذا النوع اعتمد على شريحة متخلفة لا تجيد تحليل الخبر ولا تفهم ابعاده وتسلك طرقا لا اخلاقية في الترويج الاعمى لتعتاش على خلق بيئة صالحة لنمو كل ما يسيء للمجتمع وينتقص منه.
اغاني هابطة مليئة بالشتائم واصوات منفرة تعتاش على تردي ذائقة المتلقي، وورش عمل ومهرجانات تروج للزيف واجندات الاهداف العاملة على عدم ايجاد حلول ناجعة للازمات الحقيقية وفضائيات لا تجد من يراقب الاداء الهابط وهي تستعين بعاملين من كلا الجنسين يصدرون مظاهر خادشة  للحياء، وفي كل هذا ينشط التسابق بين المنافذ على ابتكار الاكثر فضائحية وتشنيعا معتمدين على مصادر غير موثقة  تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي الذي بات بؤرة لترويج الاكاذيب وبركة  لتجميع الامراض الاجتماعية ومساحة تمدد لأشخاص لا يعرفون معاني النبل والفروسية الحقة فتكدسوا في طابور التصدير الهادم لكل قيم الاخلاق ومنهجها 
القويم.فضائيات ببرامج  خبرية واجتماعية ونشرات اخبار تدس السم للمتلقي وصحف  تعتاش على الفضائح وكأنها في سباق  لقتل الاحساس بالحياة لمتلقي هو بعيد عن الحدث يستقبل من مكانه القصي صورا متسارعة  تجيد خلط الاوراق وتقتطع احداثا قديمة لتبرزها على انها حصلت الان ممتزجة مع معادل صوتي يتم اختيار كلامه حسب رغبة المنفذ الاعلامي فيخرج ملائما للفكرة الصفراء ومحققا هدفا يأخذ المجتمع الى مناطق تثير النزاعات وتعيد دوامة الازمات وتؤخر وصول الدور الايجابي الذي ينتظره المجتمع  ليرسم طريقه الواضح  بعيدا عن الاجندات السياسية وتشابكاتها الغامضة التي يبقى المواطن بريئا من  اسبابها ومستلما لنتائجها السلبية فقط.