الأحداث الاخيرة في العراق جعلت موضوع الحكم ونوعه في العراق( برلماني ، رئاسي ) محل نقاش من جديد ودفعته الى الواجهة على اعتبار ان النظام البرلماني في العراق وعلى مدى سنوات طويلة فشل في انتاج حكومة قوية تمتلك صلاحيات كافية تؤهلها لتنفيذ برنامجها المعلن كما فشل في تشريع القوانين المهمة التي تتعلق بحياة المواطن العراقي .
ومن جانب آخر فشل النظام البرلماني في العراق في التأسيس لمعارضة برلمانية حقيقية بعد الركون الى التوافق والمحاصصة في توزيع المناصب والمكاسب على الشركاء في ما يسمى حكومة (الوحدة الوطنية) .
ومن هنا ظهرت الحاجة الى المقارنة بين النظامين، حيث يعتقد المتابعون للشأن العراقي ان النظام الرئاسي ربما سيكون الحل الامثل للخروج من الازمة وتأسيس حكومة قوية قادرة على تنفيذ برامجها بما يتوافق مع احلام المواطن العراقي ومطالبه
المشروعة .
واذا ما اردنا ان نحقق الاصلاح الحقيقي في العراق واذا ما اردنا تحقيق مشروع بناء الدولة الحديثة ، دولة المؤسسات والعدالة والحرية فلابد من تحقيق اصلاحات كبيرة في الانظمة والقوانين وربما تعديلات دستورية ووضع معالجات جذرية لشكل النظام، بالاضافة الى تعديلات في النظام الانتخابي بما يتلاءم مع الوضع العراقي والظروف التي وصلت اليهالتجربة الديمقراطية ..ان اسباب البحث عن بديل عن النظام البرلماني الحالي هي فشل الطبقة السياسية في تحقيق مطالب الناس وتأخر وصول الخدمات الى المواطن وتفشي الفساد في المؤسسات الحكومية دون ان يرى المواطن أي دور للمؤسسات الرقابية وفي مقدمتها البرلمان العراقي كاعلى سلطة رقابية في
البلاد .
ولابد من الاشارة هنا الى ان النظام الرئاسي هو نظام معمول به في العديد من الديمقراطيات الاصيلة والمتقدمة حيث يستلم الحكم في البلاد من يفوز باغلبية اصوات الناخبين أي نصف + 1 بينما يذهب الاخرون الى المعارضة الايجابية التي تمثل صوت الشعب وتكون رقيبة على عمل الحكومة على ان تكون معارضة ايجابية تبحث عن مصالح المواطن وتحمي حقوقه بعيداً عن التسقيط السياسي او الصراعات الحزبية .
وهكذا تكون المعادلة السياسية في معظم التجارب الديمقراطية العالمية متكونة من حكومة قوية تمتلك اغلبية برلمانية وفي المقابل توجد معارضة برلمانية ايجابية تقيم وتراقب عمل الحكومة .
واخيراً نقول بان العراق يمتلك مقومات الازدهار الاقتصادي حيث يمتلك الموارد البشرية والطبيعية وان ما ينقصه هو طبيعة ادارة هذه الموارد من قبل حكومة قوية ونظام سياسي صحيح يعمل بوطنية ونزاهة وتقف خلفه معارضة شريفة تراقب عمله وتحاسب المفسدين ومن هنا تكون المسؤولية على الجميع لمراجعة وتقييم نوع النظام المناسب لحكم العراق بعد تجربة دامت لأكثر من عقد ونصف لم يجني منها المواطن ماكان يتوقعه او يحلم به بعد سقوط النظام الدكتاتوري
السابق .