أتمتة المالية العامَّة

اقتصادية 2019/10/23
...

د. باسم الابراهيمي
 
تشير الدراسات الحديثة الى أنَّ تحويل الدفع والتحصيل على صعيد المالية العامة من الدفع والتسلم النقدي الى الدفع أو التسلم الالكتروني قد أسهم في تحقيق وفورات مالية قدرت بنحو (320) مليار دولار سنوياً في الدول النامية، وقد أسهمت رقمنة الضرائب في الهند الى زيادة القاعدة الضريبيَّة بنسبة (50 %) في أقل من عام، وفي دول أخرى فإنَّ رقمنة نظم الضريبة أسهمت في زيادة الحصيلة الضريبيَّة بحدود
(20 %)، إذ أدى الاستخدام المتزايد لتقنية البيانات الكبيرة (Big Data) الى كفاءة تحصيل الضرائب غير المباشرة، فضلاً عن مكافحة التهرب 
الضريبي.
إنَّ عملية أتمتة (رقمنة) المالية العامَّة لها آثارٌ إيجابيَّة كبيرة في مجال زيادة كفاءة نظم التحويلات الاجتماعيَّة ورفع كفاءة وشفافيَّة نظم المشتريات العامة، فضلاً عن بناء قواعد بيانات مفصلة وآنية وذات دوريَّة تكراريَّة قصيرة تعزز التخطيط الاقتصادي والمالي وخصوصاً في مجال بناء الموازنة ومراقبتها وبالتالي تحقيق كفاءة الإنفاق العام وما يترتب عليه من متطلبات رقابة ومتطلبات الإعداد للموازنات العامة، فضلاً عن سهولة تقييم الأثر المتوقع للسياسات الماليَّة على سلوك الفاعلين الاقتصاديين ومستويات الامتثال الضريبي وتأثير أي سياسة كليَّة مزمعة على المتغيرات المتضمنة على جانبي الإيرادات 
والنفقات.
ما الذي نحتاجه لأتمتة المالية العامَّة؟
بالتأكيد إنَّ الموضوع يحتاجُ بشكل رئيس الى بنية تحتيَّة الكترونيَّة حديثة في إطار تطبيق الحوكمة الالكترونية وهذا الأمر يحتاج الى تخصيصات ماليَّة قد لا تكون قليلة، ولكن المفيد هنا إننا نستطيع الاستفادة من البنية التحتيَّة المالية التي أقامها البنك المركزي العراقي في المصارف خلال السنوات الأخيرة والتي تعدُّ نقلة متطورة واكبت أحدث التطورات الدوليَّة في هذا المجال، فضلاً عن ذلك نحن بحاجة الى كادر بشري يكون قادراً على التعامل مع هذه التغيرات، وهذا الأمر غير صعب لما يمتاز به الشباب العراقي من ذكاء وقدرة على التعلم، وهنا ايضاً يمكن الاستفادة من الفرص التي توفرها بعض المنظمات الدوليَّة في مجال التدريب، والاحتياج الآخر وهو باعتقادي على مستوى عالٍ من الاهمية يتمثل في الإرادة السياسيَّة والقدرة على التنفيذ، إذ إنَّ تنفيذ مشروع أتمتة المالية العامَّة سيواجه تحديات كبيرة تتمثل في شبكات الفساد المستفيدة من منظومة العمل الحكومي اليدوي.
فهل نملك الإرادة لتحقيق رقمنة المالية
العامَّة؟