قراءة في حراك الأزمات

اقتصادية 2019/10/26
...

ياسر المتولي
 
معضلة البطالة في نسبتها، فكلما ارتفعت فإنها مؤشرٌ على ضعف إدارة الاقتصاد، والذي يقود الى ضعف النمو وآثاره السلبية في بلد بعينه.
ما هو مفهوم البطالة؟
تُعرَّفُ البطالة بأنها مجموعُ الأعمار في سن العمل ممن لا تتوفر لهم فرص العمل وغالباً ما تنتشر بين شريحة الشباب، والعراق من بين الدول التي تندرجُ في سلم البلدان الفتيَّة حيث نسب أعمار الشباب أعلى من شرائح المجتمع الأخرى كالطفولة والشيخوخة وغيرها، فالبطالة غالباً ما تنحسر بشريحة الشباب ممن لا تتوفر لهم فرصُ عمل. الذي أسهم في اتساع ظاهرة البطالة أسبابٌ كثيرة من أهمها:
انهيار القاعدة الإنتاجيَّة في البلد، بسبب تعطيل المصانع والمعامل، وكذلك انعدام أنشطة القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، أي القطاعات الإنتاجيَّة وانحسارها بالنشاط التجاري المفرط، أضف الى ذلك السياسة التعليميَّة غير المخطط لها، خصوصاً بالتوسع الأفقي في التعليم الجامعي، وذلك بقبول جميع مخرجات الدراسة الإعداديَّة في الكليات وما رافقه من زيادة مضطردة في الكليات.
وأقصد بالسياسة التعليميَّة غير المخطط؛ لها وذلك لتزامنها مع هذه الأعداد في وقت عدم قدرة الدولة على استيعاب هذه الجموع وتوفير فرص عمل لها، مع عدم دعم وتنشيط القطاعات الإنتاجيَّة العامة والخاصة لاستيعابها.
وأدى ذلك ايضاً الى فقدان الملاكات والمهارات الفنيَّة الوسطيَّة المطلوبة للبلد.
لذلك فمن الصعوبة بمكان الخلاص من هذه الإشكاليَّة ما لم تسع الحكومة الى فسح المجال أمام القطاع الخاص ليتصدر المشهد الإنتاجي ودعمه بالقوانين والتشريعات اللازمة، وكذلك تقديم المزايا والفرص التشجيعيَّة له من خلال الإعفاءات الضريبيَّة وتخصيص المساحات اللازمة للمشاريع بأسعار مشجعة وتفضيليَّة، بهدف الانطلاق نحو بناء قاعدة إنتاجيَّة رصينة، كما تتطلب المسألة تفعيل الشراكة بين القطاعين وبالتوازي معهما، لا بدَّ من إحياء مشاريع القطاع العام أيضاً.
ليس عيباً أنْ نعترفَ بالخطأ، إنما العيب في الاستمرار به، فعلينا المضي قدماً بالمعالجات الحقيقيَّة والواقعيَّة، وذلك لأنَّ الحلول الترقيعيَّة جربت دونما فائدة تذكر، إنما زادتْ الطينَ بلَّة. والمطلوب الآن قيام وزارة التخطيط ومن خلال مؤسساتها الإحصائيَّة المتخصصة بتحديد الأرقام الحقيقيَّة للبطالة وتقديم قوائم بأعداد الخريجين ليتسنى للمخططين وضع الحلول الناجحة لمساعدة أصحاب القرار في تقديم حلولٍ حقيقيَّة لهذه المعضلة المزمنة، وللتذكير لا توجد دولة في العالم تستطيع استيعاب كل العاطلين في الوظائف العامَّة.
لا مناص من فسح المجال للقطاع الخاص للعب دوره، وكذلك اتباع منهج الشراكة ليكفلان استيعاب النسبة العظمى من العاطلين.