كم تمنيت أن تصل هذه المجلة وسواها الى مكتباتنا ليطلع على كنوزها القارئ العراقي وينتفع مما فيها من تنوع معرفي , ولكن ليس كل ما يتمناه الأحول أبن العلوية يدركه , فظروف إنتقال الكتب والمطبوعات عبر الحدود المصطنعة يخضع لقوانين التجارة ورسوم الكمارك العالية , ولولا كرم المعموري ناجح لما توفرت لي فرصة الحصول على ( الموروث ) المجلة الفصلية التي تصدر عن معهد الشارقة للتراث , وزاد حبوري بالموروث حضور الابداع العراقي فيها من خلال الناقد الدكتور صالح هويدي مديراً لتحريرها.
ولا أريد ان استغرق في الحديث عن المكانة المعرفية لرئيس التحرير الدكتور عبد العزيز المسلّم ولا الى هيئة تحريرها و هيئتها الاستشارية , فهم من خيرة اصحاب الاختصاص في فنون الادب الشعبي وحقوله المتعددة .. ولكي أقدم بعض الفائدة للقارئ الكريم لابد من الاشارة الى محتويات هذا العدد 11 الصادر في ايلول /2018 للاستزادة من الاطلاع , والمحتويات هي :
* رحلة المقيظ في التراث الثقافي الاماراتي ــ موزه محمد سعيد المنصوري .
* القرى الجبلية في مرتفعات الجنوب التونسي ــ زينب قندوز.
* تأريخ الأنثوية في ملحمة جلجامش ــ نادية هناوي سعدون.
* بنية الحكاية الشعبية ــ نادية بلكريش .
* حكاية الطوير ليخيضر ــ محمد سعيد محمد .
* السفناج : جوانب من توثيق مهنة شعبية في طريق الزوال ــ ناسمي محمد .
* جمالية السرد في الحكاية الإماراتية ــ محمد فخر الدين.
* التصوف والمتخيل الشعبي : كرامة الاولياء نموذجاً ــ حجوبي بوشتي .
* الرقص الشعبي المغربي ــ محمد رمصيص .
* توظيف التراث في الرواية العربية ــ عبد الملك أشهبون .
* وفي حقل الترجمة : الشعر النسوي التلمساني (الحوفي) ــ عبد الحميد بورايو
ومن تصفح ( الموروث ) نكتشف ان كتّابها الأجلاء توزعوا على خارطة الوطن العربي واللافت للاعجاب ان موضوعات المجلة هي عشرة , أربعة منها لمبدعات عربيات من الأمارات العربية المتحدة , وتونس , والعراق , والمغرب , مما يدلل على حيوية المرأة العربية المبدعة واسهامها الجاد في اثراء المتن الثقافي بمعارفها وتوكيد قدراتها
الخلاقة. وسأحاول هنا في هذه السطور القليلة ان أقدم قراءة مختصرة لدراسة الباحثة نادية هناوي سعدون عن تاريخ الانثوية في ملحمة جلجامش على ان اعود في قراءات مقبلة لإلقاء الضوء على ما في الموروث من دراسات ومقالات قيمة تنتزع الاعجاب وتستحق التعريف والإشادة بكل ما هو جميل ونافع ..........
تقول الباحثة نادية هناوي الاستاذة في الجامعة المستنصرية ان تأريخ الانثوية في ملحمة جلجامش / دراسة في ضوء النقد النسوي , اذ تشير في ملخص بحثها المهم الى
ما يأتي :
يدرس هذا البحث حضور العنصر المؤنث في ملحمة جلجامش ومبررات هذا الحضور وحيثياته , مسلطاً الضوء على زمنين أحدهما فطري طفولي شفاهي حيث كانت السلطة والقيادة بيد الأم الكبرى أورورو, والزمن الآخر بربري بطولي شهد انقلاب الالهة الذكور على الأم الكبرى , وهذا ما دفع بالالهة المؤنثة ومعها أنكيدو الى اعطاء جلجامش ومعه الالهة الذكور الدرس الكوني الذي مفاده ان صراع الشر والخير سيدوم طالما يستلب فعل البطولة الذكوري فعل الأنثوية الحكمي , متنكراً للفعل الميتافيزيقي .
وفي دراستها هذه تضع الباحثة عنوانات فرعية منها : الهيمنة الذكورية في الفكر العراقي القديم , اسبقية السيادة الانثوية ومركزيتها , الانقلاب الذكوري صوب الهيمنة ,السطوة الذكورية والاستحواذ على الانوثة, الأم الكبرى وجلجامش وعشتار, شمخة وأنكيدو و تموز و سيدوري وهناك تفصيلات بين هذه العنوانات.
وقد عزرت الباحثة دراستها هذه بــ (91 ) هامشاً و بــ (21) مصدراً و مرجعاً موثوقاً . وهذا ما يؤكد سلامة منهجها الاكاديمي الرصين واعتمادها كل ما هو جدير بالفائدة التي أغنت
دراستها...وأكرر ما قلته في سطور سابقة من انني سأعود الى تقديم قراءات انطباعية عن دراسات ومقالات (الموروث) وأن أتوجه بالشكر لأخي ناجح المعموري الذي جاد بكرمه ومنحني هذه المحبة التي لم تكن الأولى , فقد تحمّل عناء نقلها مع مطبوعات اخرى بعد زياراته الاخيرة القصيرة الى دولة الامارات العربية المتحدة ...
وأخـــــــــــــــيراً أتمنى ان تملأ مكتباتنا ( الموروث) وشقيقاتها , فهي مجلة ثرية بمحتوياتها انيقة بطباعتها كبيرة باسماء
مبدعيها.....