السينما الشعرية في اتحاد الأدباء

ثقافة 2019/10/27
...

بغداد/ ابتهال بليبل
 
 
ضيّف الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق، الناقد السينمائي علاء المفرجي، للحديث عن (السينما الشعرية.. المفهوم والتطبيق)، بحضور نخبة من الادباء المثقفين والنقاد المهتمين بهذا الشأن.
وتحدث نائب الأمين العام لاتحاد الادباء والناقد علي الفواز الذي ادار الجلسة عن استثنائية موضوعها ومحاضرها لأنها ستفتح نافذة أخرى لتلمس ما هو شعري وما هو جمالي، وقال :حينما نتحدث عن السينما فإننا لا نتحدث عن حقل بصري فقط، وانما عن حقل ندخل فيه السيماء واللغة واظن أن هذا المركب الساحر حتما سيفتح امامنا مناطق شاسعة لمعرفة العالم، نحن لا يمكننا ان نعرف العالم الا من خلال الجمال، لا نقترب الا حين نلتذ به. 
وعن شعرية السينما ومفهومها وتطبيقاتها، يعتقد الفواز هو حقل قد يبدو فيه من التخصص الشيء الكثير، لكنه أيضا هو أكثر اشتباكا مع اللحظة الادبية، حتى اللحظة المعرفية بحكم أن السينما اليوم تقدم لنا الوثيقة والصورة وفكرة ومفهوما، وهذه التوصيفات انتقلت على مستوى صناعة السينما وطبيعة الأفكار المتداولة وسياسات واستراتيجيات.
أما المحتفى به الناقد السينمائي علاء المفرجي فقد تحدث بداية عن عدم وجود علاقة بينة وصريحة بين السينما والشعر بالمعنى الدقيق، على غرار العلاقة التي نجدها بين الأدب والسينما وبين التشكيل والسينما وكذلك الموسيقى والمعمار والاقتصاد والأيديولوجيا وثم بين الثقافة والسينما.
ويقول: إننا فد نفترض انعدام هذه العلاقة بصريا على الأقل وذلك من خلال ما تقدمه بعض النظريات العامة (نظرة اللغة) بالمعنى اللسان وما يتضمن ذلك من مستويات التفكير، باعتبارها وسيلة تعبير وتواصل وتفاعل على أساس اقترانه بمجموعة من المفاهيم الخاصة بالدراسة اللسانية للغة بالمعنى الوصفي والنظري والتداولي ثم السعي بعد ذلك على اسقاط هذه المفاهيم واكتشاف طبيعة التغيير
فيها.
ويؤكد الناقد أن اللغة في السينما أو لغة السينما تعتمد بدورها صفات قد نجدها في اللغة عامة، وفي اللغة الشعرية بشكل خاص، ومن الاختصاص والكثافة والايحاء والانزياح.
ويرى المفرجي أن هذا وحده غير كاف وليس المجال الوحيد الذي تتقاطع فيه اليات التفكير والتنظير الخاصة بالسينما والشعر، ففي عملية التلقي المتراكمة التي تمارس تجاه أي متن سينمائي أو أي فيلم بالتحديد بغض النظر عن نوعه ونمطه تبرز عدة قضايا تحركنا ليس فقط للسينما والشعر بل تتجاوز ذلك إلى مجازات شعرية.
ويقول «أندريه تاركوفسكي» في كتابه المهم (النحت في الزمن): حين نتحدث عن الشعر فإنني لا أنظر اليه كنوع أدبي، الشعر هو وعي بالعالم خاصة عند الاتصال بالواقع، هكذا يصبح الشعر فلسفة ترشد الانسان طوال حياته، يصبح الفنان خالقا للجمال الخاص الذي ينتسب للشعر فقط، وقادرا أن يتبين خطوط التصميم الشعري وأن يتخطى حدود المنطق المتماسك،
حسب المفرجي.
وتحدث عبر الجلسة عن المخرج الأمريكي جيم جارموش، وهو شاعر الهامش والتفاصيل الصغيرة، وشاعر الزمن الميت- ويقصد به الزمن الذي يخلو من الدراما او الحدث- ويقول المفرجي: اللحظات التي مررها جارموش في الفيلم هي اللحظات التي يقصيها غيره من المخرجين في غرفة المونتاج لأنها زائدة.
وتناول المفرجي فيلم (باترسون) للمخرج جارموش، الذي صنفه من أفلام السيرة الذاتية، من جانب أن السيرة هي التي تحفز على اكتشاف الذات واكتشاف أفكار وتقاربات في الحياة والقصص والتجارب، في هذا الفيلم عن الشاعر الأمريكي، وليم كارلوس وليامز، لكنه هنا ليس لأداء شخصية الشاعر، بل عن تجربته، عن شعره.
الفيلم يتحدث عن شاعر، ولكنه ليس كالأفلام الأخرى التي تتناول سيرة شاعر، بل يتحدث عن قصيدة «باترسون».
ويسرد الفيلم حياة شاعرٍ يعمل سائق باص، متزوج، ويقيم في مدينة باترسون أيضا، الشخصية لا علاقة لها بالشاعر البطل السائق، وحتى القصائد التي يلقيها منسوبة لشعراء آخرين، ما الذي تبقى من سيرة الشاعر وليم؟
يقول المفرجي: نحن هنا مع أسلوب جارموش في الإخراج حيث سرد الفيلم يتمرد على السرد التقليدي مثلما مشاهده بشكل عام متداخلة، فيعرض مشاهد لأحداث لا صلة بينها لكنها تتقاطع بالكثير من الدلالات، الفيلم هنا هو المعادل البصري لقصيدة (وليم) في تفاصيلها الحياتية والجمالية، إذ رسم المخرج جارموش بصريا لمحاولة وليس لكتابة قصيدته مثلما كانت القصيدة تستلهم التجوال في شوارع المدينة وحركة الناس وأحاديثهم، فان كاميرا جارموش من خلال البطل رصدت تفاصيل يومية والأحاديث الغريبة
 في الباص. ويقول المفرجي عبر حديثه إن عيش أجواء القصيدة وممارستها بل وتذوقها هو ما فعله جارموش بفيلمه.