{هـارولـد بـلــوم} وداعــاً

ثقافة 2019/10/27
...

ترجمة: أحمد فاضل
 
 
توفي مؤخرا هارولد بلوم، الناقد  الأمريكي البارز وأستاذ جامعة ييل عن عمر ناهز 89 عاماً، كان مؤلفاً شهيراً وحاملاً  معيارياً  للحضارة  الغربية وسط  الاتجاهات الحديثة، قالت عنه زوجته جين، إنه كان يعاني  تدهوراً كبيراً بصحته ولم يغادر التدريس  لطلابه  في  الجامعة  عبر سكايب، إلا بعد دخوله  مستشفى  نيوهافن  في كونيتيكت ووفاته فيها بسبب ضعف القلب.
كتب بلوم أكثر من 40 كتاباً من أشعار وروايات ومسرحيات ونصوص مقدّسة ، ناهيك عن “مذكراته “ التي يُكرّس معظمها  لتكريم بعض كتّابه المفضّلين، وكان يفخر بنفسه في أنه جعل الموضوعات  العامة في الأدب في متناول القارئ، على الرغم من  أنه كثيراً ما كان  يأسف لتراجع المعايير الأدبية، وقد ظهر في قوائم أكثر الكتب مبيعاً مع أعماله مثل: “المعتمد الغربي
{و}  القانون  الغربي..  تراث الأدب الغربي”، وكان  ضيفاً  دائمياً  على برنامج  {صباح الخير أمريكا} وبرامج أخرى .
إن  إرثه الأعظم يمكن أن يفوق اسمه  فعنوان كتابه الخارق {قلق التأثر}جادل  بلوم من خلاله: “أن الإبداع لم يكن انحناءً ممتناً للماضي،  بل هو مصارعة فرويدية  نفى  فيها الفنانون أسلافهم الأدبيين وشوهوها أثناء إنتاج أعمال  كشفت عن أخطاء لا لبس فيها“، ومع أنه كان يشير إلى الشعر في منشوره عام 1973، ولكن “قلق التأثر” أصبح يعني كيف يستجيب الفنانون من أي نوع لإلهامهم، لقد نوقشت نظرية بلوم إلى ما لا نهاية، وسخرت وتحدت، أما عن أبطاله من الأدباء الذين تأثر فيهم فقد اعترف بلوم بصراحة أنهم ومن بينهم  شكسبير وصمويل جونسون  والناقد  في القرن التاسع عشر والتر باتر، لم يحترم  أياً منهم الحدود  بين حياة العقل والحياة نفسها، فشكسبير خان العقل مع أنه بنفس الوقت  أكد الحياة.
بدأ عقل بلوم بالتفتح في سن الثانية عشرة ، وظل لعقود من الزمان يدور  حول حرم جامعة ييل بنقده الجامح وصوته المسرحي الغاضب على محنة الحاضر التي يعيشها ، كان  أصغر  طفل  من  بين  خمسة أطفال، فقد وُلد في  عام  1930  في شرق  برونكس  بنيويورك لمهاجرين  يهود أرثوذكس من روسيا،  ولم  يتعلم  أي منهم  قراءة  اللغة الإنكليزية،  كانت بداية  رحلة  بلوم  الأدبية بشعر اليديشية،  لكنه سرعان ما اكتشف أعمال  هارت كرين وتي إس إليوت ووليام بليك وشعراء  آخرين ، كان  يزعم  أنه عندما  كان شابا  يمكنه استيعاب 1000 صفحة  في وقت واحد، تخرج في عام 1951 من جامعة كورنيل حيث تتلمذ على يد  الناقد  الأمريكي  الشهير M H Abrams، بعد حصوله على شهادة  الدكتوراه  من  جامعة ييل عام 1955  التحق  بها  استاذاً  لتدريس  الأدب  الإنكليزي ، تزوج بلوم من جين جولد في عام 1958 وأنجب ولدين.
في خمسينيات القرن  العشرين، عارض كلاسيكية إليوت الجامدة، لكن على مدار العقود التالية، أدان بلوم الأفروسية والنسوية والماركسية وغيرها  من  الحركات التي وضعها في خانة “مدرسة الاستياء”، لم  تعجبه سلسلة كتب  هاري بوتر وشعر البطولات الخرافية، وغضب من حصول  ستيفن كينج  على  جائزة الكتاب الوطني الفخرية، ورفض  منح  جائزة نوبل للأدب  لدوريس ليسينغ مؤلفة كتاب الحركة النسائية  الكلاسيكي“الدفتر الذهبي“باعتباره “ كتاباً  سياسياً  خالصاً “، أما عن  كتابه “ المعتمد الغربي “ الذي نشر في  عام  1994، عَيَّن  بلوم  الكُتاب الـ  26 الأساسيين  في  الأدب  الغربي  من  دانتي   إلى صامويل  بيكيت، وأعلن   فيليب روث  وتوماس بينشون ودون ديلو من بين  العظماء المعاصرين، كما أعجب بفرجينيا وولف وجين أوستن  وجورج إليوت  وإميلي ديكنسون،  ومئات  الطبعات  النقدية التي قام بتحريرها تشمل أعمالاً عن طوني موريسون ومايا أنجيلو وآيمي تان.
كانت مقاومته  للثقافة  الشعبية مؤكدة، ولكنها ليست مطلقة فقد كان مولعا  بموسيقى الروك وسحرها، حيث قال لمجلة  باريس ريفيو في عام  1990  إن “ما يجري هنا ، ليس فقط بالأغاني  بل  في  أجوائها  كلها، هي الرؤية الحقيقية  لما تحتاجه  البلاد  ورغباتها ، إنها صورة الحقيقة التي نراها، إنها غريبة ورائعة للغاية “.
 
عن/ صحيفة الغارديان البريطانية