تُعاني مدن العراق، لاسيما العاصمة بغداد، من اكتظاظ هائل خلال ساعات النهار الاولى من الساعة الثامنة صباحا، الى ما بعد منتصف النهار بساعتين، ثمّ بعد ذلك، يبدأ الزخم بالانحسار تدريجيا، حتى إذاما حلت الساعة الخامسة عصرا، تجد الشوارع، وخصوصا المراكز التجارية والإدارية، وقد بدت شبه خالية، وقطعا ان مثل هذا الأمر من شأنه ان ينعكس سلبا على الحركة الاقتصادية، اذ تتوقف الكثير من المصالح والأنشطة التي يمكن إبقاؤها مستمرة على مدار
اليوم.
لو فكرنا بحلول ومعالجات، بسيطة، ولاتكلف شيئا، فكل ما نحتاجه، هو ان نفكر بصيغة مُثلى لاستثمار الوقت بطريقة تضمن لنا تحقيق انسيابية عالية في الحركة وزيادة في مستوى الاداء ورفع وتائرالإنتاج اليومي.
وهنا نضع مقترحا بسيطا، ولكن في حال المضي في تطبيقه سيغير من المشهد اذ ستقل كثيرا مشكلة الزحام التي بات تمثل ازعاجا حقيقيا للجميع، فضلا عن تحقيق نتائج اخرى
مهمة.
المقترح ببساطة، هو ان يصار الى تقسيم ساعات العمل في مؤسسات الدولة كافة الى وجبتي عمل، صباحية وتبدأ من الساعة الثامنة او التاسعة صباحا لغاية الساعة الثالثة او الرابعة عصرا ، ثم تبدأ الوجبة الثانية، من الساعة الرابعة وتستمر لغاية التاسعة ليلا، ومن النتائج التي من المتوقع تحقيقها من تبني
هذا المقترح :
زيادة إنتاجية الموظف العراقي، التي انخفضت الى ادنى مستوياتها، وأصبح الكثير من الموظفين يعانون من البطالة المقنعة، بسبب التضخم الكبير في الأعداد، وقلة المهام المؤداة، ومن ثمّ فإنّ تقسيم العمل الى وجبتين، سيتيح الفرصة أمام جميع الموظفين، لزيادة مستوى إنتاجيتهم .
اتاحة الفرصة أمام المواطن، لإكمال كل مراجعاته ومعاملاته المتعلقة بالدوائر الحكومية، في اليوم نفسه، بدلا من تكرار المراجعة لأكثر من يوم، لأنّ العمل سيستمر طيلة ساعات
النهار .
اتاحة الفرصة أمام الموظفين أنفسهم، لإنجاز معاملاتهم ومتعلقاتهم الأخرى، خلال الايام التي يكون فيها عملهم في الوجبة المسائية .
توفير الكثير من فرص العمل، التي تعتمد على مؤسسات الدولة، مثل اصحاب سيارات الأجرة، المطاعم .. الخ ، ومثل هذه الاعمال عادة تتوقف عند الظهيرة بنهاية الدوام الرسمي .
استمرار عمل المراكز التجارية الى فترة ما بعد الظهر، وهذا يتطلب تشغيل عمالة
جديدة .
بقاء مؤسسات القطاع الخاص المختلفة، هي الأخرى فاتحة ابوابها، وبذلك ستحتاج الى توظيف المزيد من العاملين، لإدارة الفترة
المسائية .
تحقيق حالة من الأمان والاستقرار في الشارع، لان بقاء مؤسسات الدولة فاتحة ابوابها، نهارا وليلا، من شأنه ان يبعث رسالة تطمين للناس، مفادها ان الوضع مستقر تماما، وان الحكومة حريصة جدا على زيادة مستوى الاداء وتحقيق مطالب الناس، فضلا عن الجوانب الأمنية
الأخرى.
تخفيف الزخم الذي تشهده الشوارع، لان الناس عندما تعلم ان العمل متواصل طيلة اليوم، فلن تخرج جميعها في ساعات محددة، حتى الذين يرومون التسوق من المراكز التجارية، مثل الشورجة وجميلة وغيرها. ستكون إنتاجية الموظف، لليوم الواحد، مضروبة في اثنين، وبهذا فان راتب شهر واحد، يعادل راتب شهرين من حيث الإنتاجية، بمعنى، ان ماكان يُنتج او يُنجز في شهرين، اصبح، ينجز في
شهر واحد .
فضلا عن نتائج اخرى قد تكون غير منظورة الان، سيلمسها الناس عند الشروع بتطبيق هذا المقترح البسيط الذي يجب ان لايستثني أي جهة او مؤسسة من مؤسسات الدولة (وزارات، هيئات، شركات، مصانع، جامعات،
مصارف).
الظروف والتحديات التي يواجهها العراق تتطلب التفكير والبحث عن جميع الحلول والمعالجات الممكنة، وخصوصا في ما يتعلق بإدارة مؤسسات الدولة، لاننا نعلم جميعا، ان اكبر كتلة نقدية (نحو ٦٠ ترليون دينار)، تذهب سنويا لتأمين رواتب واجور ومتطلبات مؤسسات الدولة، ولذلك ينبغي التفكير، في كيفية استثمار هذه الأموال الضخمة، في معالجة مواطن الخلل في بعض المفاصل، لاسيما في ما يتعلق بتوفير فرص العمل ومعالجة تحدي البطالة .