مكافحة الإغراق السلعي

اقتصادية 2019/10/27
...

محمد شريف أبو ميسم
 

بعد أن استجابت السلطات الحكومية والجهات ذات العلاقة لمطالب المربين والعاملين في قطاع صناعة الدواجن بشأن الحد من الاستيراد ومحاربة حالة الاغراق في الأسواق المحلية، سادت حالة من التنافس والاندفاع بين المربين والمستثمرين المحليين لتأهيل مشاريعهم وتجهيزها بالمعدات والمواد الخاصة بتربية الدواجن وانتاج بيض المائدة بما يتناسب والطلب المحلي على هذه المنتجات، الأمر الذي جعل هذه المشاريع تستوعب المزيد من الكوادر المتخصصة في الطب البيطري وهندسة الانتاج الحيواني والعمال المهنيين من ذوي الخبرة والاختصاص الذين عادوا الى عملهم السابق في تربية الدواجن وراحت مشاريع المربين تستوعب المزيد من الأيدي العاملة، وهذا سينسحب ايجابا على سوق العمل، إذ يتوقع أن يبلغ عدد العاملين في حقول الدواجن مليون عامل في مختلف الاختصاصات "بحسب بيان مشترك لرابطة ومربي الدواجن في العراق".
وبناءً على ما تقدم يمكن القول إنّ أغراض الانتاج الزراعي بشقيها النباتي والحيواني (والبالغة نحو ستين غرضا زراعيا) يمكن أن تستوعب الملايين من الأيدي العاملة، فضلا عما ستوفره من فرص للعمل في الحلقات الساندة، من قبيل معامل الاعلاف والاسمدة والصناعات الغذائية ومراكز التوزيع والبيع بجانب ما ستوفره من فرص للعمل في حلقات النقل والتسويق والبيع بالمفرد. 
ونحن هنا نتكلّم عن قطاع حقيقي ذي صلة بمفهوم الأمن الغذائي الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بمفهوم الأمن المجتمعي والسيادة الوطنية، بمعنى ان الخطط والاستراتيجيات ذات الصلة بمفاهيم التنمية المستدامة، اذا ما وضعت موضع التنفيذ فإنّها ستصنع بيئة أعمال قادرة على استيعاب الايدي العاملة المحلية، وتكرّس امكانية تحقيق الأمن الغذائي والامن المجتمعي معا، وستسهم في رفع معدلات النمو.
ومن ثمّ هل من الممكن أن نوظف النجاح في تجربة صناعة الدواجن، ونسحبها الى عموم حلقات القطاعات الحقيقية الأخرى؟ علما ان أي نجاح في أي مفصل من مفاصل الأغراض الزراعية، سينسحب وبالضرورة على المفاصل الأخرى جراء وفرة الانتاج، بشرط مكافحة الاغراق السلعي واعادة الحياة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، الأمر الذي سيسهم في تفعيل نشاط الصناعات الغذائية ومنتجات الألبان والصناعات (الكيمياوية والتحويلية والطبية) فضلا عن الحرف والمهن اليدوية ذات الصلة بالقطاع الزراعي، وفي كل حلقة من هذه الحلقات ثمة حاجة ماسة للأيدي العاملة الماهرة ومن الخريجين والمهندسين والحرفيين وحتى الأيدي العاملة غير الماهرة. الأمر الذي يؤكد ما ورد في بيان رابطة ومربي الدواجن في العراق الذي لفت الى ان حماية المنتج المحلي ستساعد في ديمومة قطاع الدواجن وترتقي به الى مستويات جيدة من الانتاج، وانه "يجب ان نستفيد من تعميم هذه التجربة التي اثبتت فعاليتها في استيعاب هذه الاعداد من العاملين واستبدال الاستيراد بمنتجات عراقية ذات نوعية ممتازة".