ترامب يثمن دور العراق في عملية القضاء على «البغدادي»
قضايا عربية ودولية
2019/10/28
+A
-A
بغداد / الصباح
أعلنَ الرئيسُ الأميركي دونالد ترامب تفاصيل عملية قتل زعيم تنظيم “داعش” الإرهابي المدعو “أبو بكر البغدادي”، وقدم ترامب شكره للعراق لمساهمته في عملية القضاء على الإرهابي “البغدادي”، وبينما أوضح أن قوات أميركية خاصة محمولة جواً نفذت العملية في منطقة شمال غرب سوريا، كشف الرئيس الأميركي عن اللحظات الأخيرة في حياة المجرم الهالك، حيث أكد أنه “قتل داخل نفق مغلق وهو يصرخ ويبكي من الخوف”، وإن “زعيم (داعش) مات ميتة الجبناء والكلاب”.
وقال ترامب في مؤتمر صحفي عقده مساء أمس الأحد في البيت الأبيض وتابعته “الصباح”: إنه “في ليلة الأمس، قامت الولايات المتحدة الأميركية بالقضاء على الإرهابي (أبو بكر البغدادي)”، موضحاً أن “قوات خاصة نفذت عملية جريئة في شمال غرب سوريا”، وأضاف، ان “عدداً كبيراً من رفاق البغدادي قتلوا، وإنه لم يسقط قتلى من القوات الأميركية في العملية”.
وقال الرئيس الأميركي: “لم نخسر أي عسكري في العملية شمال غرب سوريا في حين أن عدداً كبيراً من مقاتلي (البغدادي) قتلوا معه”، وأضاف، ان “الليلة الماضية كانت ليلة عظيمة للولايات المتحدة والعالم”، وأوضح إن “(البغدادي) قتل نفسه بتفجير سترة ناسفة، وأنه قتل بطريقة عنيفة وهو يهرب ويبكي”، وأن “11 طفلا (في وكر الدواعش) لم يصابوا خلال العملية الأميركية”.
وأشار ترامب، إلى أن “القوات الأميركية ظلت في الموقع لمدة ساعتين تقريبا”، مضيفاً أن “القوات الأميركية الخاصة حصلت على معلومات مهمة من الموقع”، وأن “8 طائرات هليكوبتر شاركت في العملية، وإن المدخل الرئيس للمجمع (الذي كان يتواجد فيه البغدادي) كان مفخخا”.
ميتة الجبناء
وقال الرئيس الأميركي: إن «(البغدادي) قتل نفسه بسترة ناسفة بعد أن حشر في نفق»، وأضاف، «لقد وصل إلى نهاية النفق بينما كانت كلابنا تلاحقه، فجر سترته فقتل نفسه وأطفاله الثلاثة، وقد شوهت الانفجارات جثته، وانهار النفق فوقه».
وأكد أنه تم «التعرف إيجابيا على هوية (البغدادي) من خلال نتائج اختبارات أجريت بعد الغارة»، وأضاف ان «(البغدادي) مات ميتة الكلاب والجبناء»، وتابع: إن «السفاح الذي حاول كثيرا ترويع الآخرين قضى لحظاته الأخيرة في قلق وخوف وذعر مطبق خشية أن تنقض عليه القوات الأميركية».
وقال ترامب: «لقد بدأنا نتلقى معلومات إيجابية جداً عن مكان (البغدادي) قبل شهر»، وأضاف، «لقد تمكنا من تحديد مكان وجوده قبل أسبوعين»، وذكر أن «(البغدادي) قتل ومعه 3 أطفال من أطفاله حين فجر سترته الناسفة»، مشيرا في الوقت نفسه إلى ان11 طفلا آخرين لم يصابوا خلال العملية.
وأعرب الرئيس الأميركي، عن شكره للعراق وروسيا وتركيا وسوريا والقوات الكردية «قسد» لمساعدتها في عملية قتل (البغدادي).
وأعلن ترامب خلال المؤتمر، أنه شاهد مع نائبه مايك بنس، ووزير الدفاع مارك إسبر، بالإضافة إلى قادة الأركان المشتركة وآخرين؛ العملية العسكرية التي نفذتها قوة أميركية خاصة، وقتل خلالها زعيم تنظيم «داعش» المدعو «أبو بكر البغدادي».
لكن الرئيس الأميركي لم يوضح ما إذا كان قد تابع سير العملية عبر بث مباشر أم أنه اطلع رفقة القادة الأميركيين على تسجيلات مصورة للعملية العسكرية التي نفذت ليلة السبت، وقال ترامب: «كنت أعلم بشأن العملية المرتقبة منذ ثلاثة أيام».
مصادر أميركية
وأفاد مسؤول أميركي، بان «مسؤولي المخابرات والأمن في العراق اسهموا في نجاح عملية قتل الإرهابي (البغدادي)».
إلى ذلك، نقلت شبكة «فوكس نيوز»، عن مصدر عسكري رفيع تأكيده مقتل زعيم تنظيم «داعش» بعد تحديد هويته من الوجه، وذلك في الغارة الأميركية التي نفذتها الولايات المتحدة في محافظة إدلب بسوريا.
وفي تغريدة لمراسلة الشبكة الخاصة بالأمن القومي جينفير غريفين، قالت: إن «مصدرا عسكريا أميركيا بارزا أكد مقتل (البغدادي) في غارة أميركية في إدلب»، وأضافت «لقد تم تأكيد هوية زعيم (داعش)»، ونقلت عن مصدر أميركي قوله: «كنا نشك منذ فترة طويلة في أن (البغدادي) مختبئ في إدلب». وأكدت مصادر عسكرية أميركية، أن عملية استهداف «البغدادي» التي جرت في قرية باريشا بمحافظة إدلب أسفرت أيضاً عن قتل مرافقه و8 أشخاص آخرين، وأن العملية استغرقت ساعة و30 دقيقة، كما أعلن مصدر في الأمن القومي الأميركي أنه «سيتم التخلص من جثة الإرهابي (البغدادي)».
بدوره، سلط الجنرال المتقاعد بسلاح الجو الأميركي سيدريك لايتون الضوء على تقارير استخباراتية سابقة عن أن زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي كان ينام متزنّرا بحزام ناسف.
وقال لايتون: «هناك تقارير استخباراتية أكدت للعامة قبل سنوات أن (البغدادي) كان ينام مرتديا حزاما انتحاريا.. وهذا ليس مفاجأة»، وتابع: «يبدو أن هذه التقارير كانت صحيحة للحيلولة دون القبض عليه».
ونقلت مجلة «نيوزويك» الأميركية عن مسؤول كبير في وزارة الدفاع (البنتاغون)، قوله: ان «العملية التي جرت في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، نفذتها قوات عمليات خاصة بعد أن تلقت معلومات استخباراتية حددت موقع زعيم (داعش)»، مشيراً إلى حصول قتال قصير وقع عندما دخلت القوات الأميركية للمجمع الذي اختبأ داخله «أبو بكر البغدادي».
وقال مسؤول في الاستخبارات الأميركية: إن «(البغدادي) قتل نفسه بتفجير سترة ناسفة، بينما كان أفراد أسرته حاضرين، وقُتلت زوجتان له و3 أطفال من جراء انفجار السترة الناسفة».
وأكد مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون، أن وحدة عسكرية أميركية خاصة تابعة لفرقة الـ Navy Seal نفذت عملية إنزال ضد تجمع لتنظيم “داعش” شمال غرب سوريا في محافظة إدلب وجرت تصفية عدد من قادة التنظيم من بينهم زعيمه “أبو بكر البغدادي”، مشيرا الى أن “فحص الحمض النووي الـ DNA قد أثبت التعرف على هويته”.
بين تركيا وسوريا
وفي السياق، قال مسؤول تركي: إن «الإرهابي (البغدادي) وصل إلى مكان في سوريا قبل 48 ساعة من تنفيذ الغارة الأميركية»، وأضاف أن «الجيش التركي كان لديه علم مسبق بالعملية الأميركية في محافظة إدلب السورية»، وأن «تركيا ستواصل تنسيق تحركاتها على الأرض مع الأطراف المعنية».
في المقابل، قال مسؤول أميركي لشبكة «سي أن أن»: إن «تركيا لم تلعب أي دور في مساعدة العملية، لكن تم تنسيق عدم الاشتباك مع الجيش التركي»، وأضاف، أن «قوات سوريا الديمقراطية (قسد) زودت الجيش الأميركي ببعض المعلومات الاستخباراتية».
ونقلت وكالة «رويترز» عن قيادي بجماعة سورية إرهابية في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا قوله: إن «جثث 3 رجال و3 نساء عثر عليها في نفس الموقع مع جثة يفترض أنها لأبو بكر البغدادي».
وفي رواية أخرى عن العملية، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض بان «سربا من ثماني طائرات هليكوبتر برفقة طائرة حربية تابعة للتحالف الدولي شنت عملية في مواقع تابعة لتنظيم ما يسمى (حراس الدين- جماعة تابعة لتنظيم القاعدة) حيث يُعتقد أن عناصر (داعش) يختبئون في قرية باريشا شمال مدينة إدلب». وقال المرصد: إن «المروحيات استهدفت مواقع (داعش) بضربات مكثفة لنحو 120 دقيقة، واستهدف الإرهابيون المروحيات بأسلحة ثقيلة»، ووثق المرصد قتل تسعة أشخاص نتيجة هجوم مروحيات التحالف.
وتداول مغردون سوريون لقطات لمعارك دارت ليلا في قرية باريشا بمحافظة إدلب شمال غرب سوريا، وهو المكان الذي قالت وسائل إعلام أميركية: إن زعيم تنظيم «داعش» قتل فيه، كما جرى تداول فيديوهات عن لحظات القصف الأولى لمخبأ «البغدادي».
شهود عيان
من جانبه، أفاد مصدر محلي سوري، بان الجنود الذين قاموا بعملية استهداف قيادي كبير، كانوا يرتدون لباس «مارينز» ويضعون إضاءات على خوذهم، مبينا أن هناك نازحا كان يعيش مع عائلته في خيمة اقتربوا منه وكلمه شخص باللغة العربية - يعتقد أن لهجته اردنية- وطلبوا منه أن يأخذ عائلته ويبتعد عن المكان، ثم نادى الجنود عبر مكبرات الصوت على صاحب المنزل الذي يدعى «أبو محمد» بأن يسلم نفسه هو وضيفه.
وأشار المصدر، إلى أنه شاهد بعد انتهاء عملية الإنزال 6 جثث في أكياس بنفس المكان الذي تمت عليه عملية الإنزال، ويظهر في فيديو تم تصويره في مكان تنفيذ العملية الأميركية وبعيد انتهائها، رجل مدني يروي لعناصر يبدو أنهم من «هيئة تحرير الشام» الإرهابية، جاؤوا لتفقد المكان، تفاصيل ما حدث.
وأكد الرجل الذي يظهر في الفيديو، الذي كان يرعى أغناما في المنطقة، أن قوة أجنبية برفقة جنود عرب، هبطت في ساعة متأخرة من الليل، وعبر مكبرات الصوت صدر نداء «أبو محمد سلامة سلم حالك»، وأوضح الراعي أن «أبو محمد» هو نازح من مدينة حلب، كان قد اشترى المنزل الذي تمت مداهمته.
وبعد أن أطلق الجنود النار على المنزل، وداهموه، أخرجوا 3 أطفال وسلموهم للراعي، وطلبوا منه الهرب بهم مسافة 1 كم، وأخبروه بأنه يمكنه العودة إلى الخيمة التي يسكن بها قرب المنزل بعد أن يسمع 3 غارات قوية، ويقصد الجنود بذلك الغاراتِ التي دمرت مكان العملية بعد انتهائها.
الفرقة الخاصة
ونشرت وسائل إعلام أميركية، بعض المعلومات عن القوة الأميركية التي نفذت عملية قتل «البغدادي»، وهي القوة الخاصة «دلتا فورس» المعروفة رسميا باسم «فرقة العمليات الأولى»، إحدى وحدات المهمات الخاصة في الجيش الأميركي، التي تركز أساسا على مكافحة الإرهاب.
وعلى الرغم من أن مهمة القوة «دلتا فورس» مكافحة الإرهاب، فإنها تشارك أيضا بشكل خاص في قتل أو اعتقال أفراد خطرين أو تفكيك خلايا إرهابية، بالإضافة إلى عمليات إنقاذ الرهائن، وتشترك القوة الخاصة في مهام سرية مع وكالة الاستخبارات المركزية، كما تنشط في مجال حماية الشخصيات الهامة، لا سيما خلال زيارتها للبلدان التي تشهد اضطرابات.
وقد تأسست القوة الخاصة عام 1977 من قبل قائدها الأول، العقيد تشارلز بيكويث، مع التهديد المتزايد للإرهاب في جميع أنحاء العالم، وذلك بعد سنوات من العمل مع الخدمة الجوية البريطانية الخاصة في هذا المجال، وتم تكليف بيكويث بتشكيل الوحدة الجديدة، واختيار أفرادها من مجموعات داخل الجيش، بعد أن اتضحت الحاجة إلى قوة ضاربة تكون دقيقة داخل الجيش الأميركي.
ومن أبرز المهام التي قامت بها القوة «دلتا فورس»، عملية «مخلب النسر» في عام 1980، التي نفذت من أجل تحرير الرهائن الأميركيين داخل السفارة الأميركية في طهران، إلا أن العملية فشلت إذ قتل 8 أميركيين وتدمير
طائرتين. كما ساهمت القوة في الحرب في أفغانستان عقب هجمات 11 أيلول 2001، وكان لأفرادها دور كبير في هزيمة وتفكيك حركة طالبان في أفغانستان.