تعهدت الحكومة ضمن الإصلاحات التي أعلنتها، بالمضي في مخاطبة البرلمان وتشريع قانون النفط والغاز الذي طال انتظاره من قبل الشارع العراقي، لأهميته في تأسيس سياسة نفطيَّة واضحة وشفافة، تقود الى تنظيم العلاقة النفطيَّة بين المركز والإقليم والى التعامل السليم بين الشركات المستثمرة العراقيَّة والأجنبيَّة العملاقة وبين المؤسسات النفطيَّة، والأهم من ذلك توزيع الإيرادات بشكلٍ متساوٍ ما يحقق التنمية في البلد.
عوامل ستراتيجيَّة
وفي هذا الشأن قال الخبير النفطي حسين المرزوق لـ"الصباح": إنَّ "تشريع هذا القانون له جدوى اقتصاديَّة كبيرة تعمل على تحقيق عدة عوامل ستراتيجيَّة منها جذب الشركات النفطية المستثمرة العالمية والمعروفة برصانتها، ورسم سياسة واضحة تجعل المؤسسات النفطية تنافسية، إذ تسهم هذه العوامل بالنهوض بواقع الشركات النفطية العامة وأداء دورها بشكل فاعل، ما يؤدي الى قطع الطريق أمام سبل الفساد المالي والإداري".
وأضاف المرزوق انَّ "قانون النفط والغاز يؤسس ويشرع غطاءً قانونياً للعمليات النفطية في العراق التي تعطي الشرعية للاستكشاف والاستخراج والإنتاج، ما يكون له ثقلٌ في الوسط الأممي والدولي، لا سيما أنَّه ينظم العلاقة بين العراق والدول المنتجة وغير المنتجة ويرسم الشفافية في التعامل، كما سيكون مرجعاً مهماً للحيلولة دون الخلافات بين المركز وإقليم كردستان، وبذلك يؤدي الى زيادة في الإنتاج والتخزين من النفط الخام والغازات المنبثقة أثناء عمليات الاستخراج، التي تحتاج الى مرجع يوضح طريقة العمل بها وتسويقها وتصديرها".
القطاعات الإنتاجيَّة
ويجد الخبير أنَّ "تأخر إقرار قانون النفط والغاز يؤثر سلبا في اقتصاد البلد، الذي أصبح معتمداً بشكل رئيس على إيرادات النفط، الذي بدوره سبَّبَ شللاً في القطاعات الإنتاجية الأخرى"، لافتاً الى أنَّ "الثروة النفطيَّة التي يمتلكها البلد بإمكانها أنْ تدعم وتفعل قطاعات الصناعة والزراعة، والبناء والإنشاء الذي يسهم في حل أزمة السكن، من دون تصديره الى البلدان
الأخرى".
وكان رئيس الوزراء قد أعلن توقيع اتفاقية مع النرويج خلال زيارة رئيسة الحكومة النرويجبة لبغداد ايرنا سولبيرغ مؤخراً، تتضمن التعاون تحت شعار "النفط من أجل التنمية"، وهو ما تعمل الحكومة لتحقيقه، ما ينعش عملية التنمية في جميع المحافظات ويحرك الاقتصاد.
وأوضح المرزوق أنَّ "هناك علاقة تراتبيَّة بين قانون النفط والغاز وقوانين أخرى، منها قانون شركة النفط الوطنيَّة، وقانون الاستثمار وغيرها من القوانين الخدميَّة، كما أنه يمهد الى تشريع وتطبيق قوانين مهمة تخص الزراعة والصناعة"، لافتاً الى أنَّ "النفط يدخل في صناعة البتروكيمياويات من ناحية والأسمدة من ناحية
أخرى".
تشغيل العمالة
أما عن أسس تطوير القطاع النفطي، فأشار المرزوق الى أنَّ "تطويره يكون عن طريق تشكيل مجلس أعلى الذي عن طريقه تتم إدارة العمل بهذا القطاع الحيوي، الذي من المتوقع أنْ يحقق زيادة كبيرة في حركة العمل من خلال تشغيل أعدادٍ كبيرة من الأيدي العاملة في هذا القطاع عند حدوث ذلك".
ويبين أنَّ تشكيل هذا المجلس "سيؤسس لنظام حديث ومتطور لإدارة العمليات البتروليَّة في العراق بما في ذلك وضع الستراتيجيات والسياسات والخطط البعيدة والمتوسطة والقصيرة المدى، مع التوسع في استخدام الجهد المباشر في القطاعين العام والخاص العراقي والأجنبي لتنفيذ العمليات البتروليَّة في العراق، بالاستناد إلى أحدث التقنيات واقتصاد
السوق".
بيد أنَّ النظرة الى الثروة النفطيَّة في العراق أصبحت محليَّة، بحسب المرزوق، "وهي إنَّ كل منطقة تنظر الى ما تحت أرضها على أنها ملك المنطقة، وخلافاً لما نص عليه الدستور بأنَّ النفط ملك الشعب العراقي كله، فلا بدَّ من اتباع مبدأ توزيع منافع النفط بين جميع المحافظات بشكلٍ
متساوٍ".