قادة الولايات المتحدة الأميركية يكررون دائما عند مقتل أي شخص خطير بأن العالم سيكون أكثر أمنا. حصل هذا عند تنفيذ حكم الإعدام برئيس النظام السابق صدام حسين. خرج الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن ليقول :غن العالم أصبح أكثر أمنا. وحين تمكن الأميركيون من قتل زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبومصعب الزرقاوي قال بوش الابن أيضا :إن العالم سوف يصبح أكثر أمنا. والأمر نفسه حصل عند مقتل خلفي الزرقاوي وهما أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر حيث قالوا إن العالم سيكون أكثر أمنا. وحين قتلت القوات الخاصة الأميركية زعيم تنظيم القاعدة في العالم كله أسامة بن لادن قال الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما :إن العالم أصبح أكثر أمنا.
وعندما قتل الأميركيون قبل شهور حمزة بن لادن قالوا الكلام نفسه. واليوم قتل الأميركيون زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب :إن العالم سيكون أكثر أمنا. غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هو :هل أصبح العالم بالفعل أكثر أمنا بعد مقتل كل هؤلاء؟ الجواب بالتأكيد لا. فالعالم على صعيد الحرب على الإرهاب أصبح أكثر تعقيدا لاسيما بعد انتقال الحركات الإرهابية الى مناطق عديدة في العالم شرقا وغربا. وبدلا من “الخلافة” التي أعلنها البغدادي من على جامع النوري في الموصل عند احتلال داعش لها عام 2014 التي أزالها العراق عام 2017 بانتصار كبير أثار إعجاب العالم, فإن هذا التنظيم بدأ ينقل خلاياه وقسما من قياداته الى مناطق مختلفة في العالم في محاولة منه لإعادة التنظيم مرة أخرى.
يضاف الى ذلك مسألة في غاية الأهمية وهي أن تنظيم داعش برغم كل مايحصل له أو لقياداته فإنه سرعان مايعلن إنه سيواصل المسيرة ولن يتأخر في الإعلان عن البديل. وفي الوقت الذي تشكل هذه قصة بحد ذاتها فإنها من جانب آخر تعكس جانبا آخر من الصورة وهي أن لهذا التنظيم من يستخدمه كبندقية للإيجار هنا أو هناك مما يجعله قائما حتى بدون رمزية أو قيادة تبدو كارزمية.
الجديد الذي يمكن أن يجعل العالم أكثر أمنا هو ماصرحت به ابنة الرئيس الأميركي دونالد ترامب السيدة إيفانكا حيث كتبت على صفحتها بتويتر بعد مقتل البغدادي إن “العالم سيكون أكثر أمنا”. لا أعرف إن كانت إيفانكا تريد تشجيع والدها الذي يحتاج الى مثل قصة البغدادي وهو يواجه أخطر تحديين الآن وهما العزل من قبل الديمقراطيين ومعركة الرئاسة بعد فترة قصيرة أم أنها تنطلق من بعد سياسي بوصفها أحد صناع القرار الخلفيين في الإدارة الحالية مع زوجها كوشنير الذي يلعب هو الآخر أدوارا في غاية الأهمية في إدارة عمه بوصفه مستشاره المقرب. قد ينطبق على إيفانكا ما ينطبق على أي فتاة من منطلق أن “كل فتاة بأبيها معجبة” خصوصا أن أباها كان ينتظر على أحر من الجمر مقتل البغدادي لا لكي يقول لنا مثل أسلافه إن العالم أصبح أكثر أمنا. بل لكي يقول إنه أصبح أكثر أمنا من العزل أو خسارة الولاية الثانية. مايهمنا هو الأمان ولذلك لانملك أن نقول .. الله يسمع من “حلك” إيفانكا.