أطفالكِ وتربية الحيوانات

اسرة ومجتمع 2019/10/29
...

منى محمد زيارة
 
 
يُعاني الكثير من الآباء والأمهات من سلوك أطفالهم العدواني ولجوئهم الى العنف بأشكاله المختلفة لحل أي مشكلة تواجههم مع اقرانهم، ومع التقدم بالعمر يهمل الأهالي هذه السلوكية السلبية لاعتقادهم ان كل طفل لا بدَّ أن يمر بهذه المرحلة بسلبياتها وايجابياتها، وان الايام كفيلة بإدراكه بأنّها غير مرغوبة او مقبولة في المجتمع، متناسين انها قد تتطور وتصبح عادة روتينية تكبر بداخله لتصبح حالة او مرضا يصعب العلاج منه، حتى يعتقد الشخص ان العنف الحل الوحيد لأي معوق حتى وان كان صغيرا، فينشأ انسانا هائجا هائما لا يعرف كيفية العيش بسلام وهدوء.
لا يخلو عمل سينمائي او تلفزيوني او حتى كارتوني من مشاهد تدعو الى العنف مما يشكل  خطراً لا يستهان به، فنلاحظ ان الطفل الذي يدمن مشاهدة مثل هكذا اعمال يبدأ تلقائياً بمحاولة التقليد الأعمى فمثلاً نراه يضرب أخته او أخاه الأصغر منه او احد اصدقائه، وبعضهم يبدأ بتعنيف الحيوانات ظناً منه وبالطبع نتيجة التربية الخاطئة التي بنيت على اعتبار ان الحيوان ليس من الجنس البشري، وان كل انواع الحيوانات مؤذية وناقلة للأمراض وهذا ما نراه كثيراً للأسف في مجتمعاتنا.
دراسات نفسية واجتماعية بادرت الى ايجاد بعض الحلول للتعنيف المفرط وذلك من خلال تشجيع الطفل على تربية الحيوانات الاليفة لما لها من آثار ايجابية تعود بالنفع عليه في جميع مراحل نموه الجسدي والعقلي، قد يبدو هذا غريبا علينا نحن، لكن لا بأس من التجربة، فكثير منا عند اصابة احد افراد أسرته بالزكام يذهب الى الطبيب الفلاني وفي حال تأخّر الشفاء يجرب طبيبا آخر وهكذا، فما المانع اذا جرّبنا تربية قطة او كلب صغير، اجعلي طفلك مسؤولا وبإشرافك طبعا على تغذية وتنظيف وترتيب المكان الذي سيعيش فيه الحيوان ومراقبته والتعامل معه بلطف لأنّه كائن ضعيف لا يستطيع الدفاع عن نفسه أمام من يحاول تعنيفه، قد يتململ من تحمّل هذه المسؤولية في بداية الامر لكن مع مرور الوقت يبدأ بالتعلق تدريجيا بهذا الحيوان لانه سيمتص مشاعر العنف والغضب الموجودة لديه، فعلماء النفس يؤكدون ان تربية الحيوانات ستنمي خاصة الذكاء لدى الطفل لأنّه سيحاول تعليمه كيفية تناول الطعام في الاوعية المخصصة واماكن قضاء حاجته واوقات استحمامه وغيرها، ومن ثمّ سيحاول الطفل هو الاخر تنفيذ ما يطلبه أبواه منه دون كسل او ملل، عندها سيشعر بمسؤوليته عن شيء مهم في حياته لا مجال لإهماله او التخلي عنه،  ستلاحظين وخلال مدة قصيرة ان هناك تغيرا ملحوظا على سلوك ابنك وتفوقه دراسياً واكتسابه صفات وسلوكيات ايجابية تجعلك مطمئنة. 
عرّفي طفلك ان الحياة فيها اللطيف والعنيف، وأشرحي له بطريقة مبسطة ان اللطف والتعامل بإنسانية هي صفات بشرية عليه التحلي بها، وان العنف لايولّد إلّا عنفا، مع اهمية ان تكوني يقظة لأي تصرّف قد يدعو الى القلق ومحاولة معرفة أسبابه وايجاد حل مناسب له.