أفقده القدر البصر.. فمنحه الله البصيرة

اسرة ومجتمع 2019/10/29
...

 
البصرة/ احمد داخل
 
مازال قاسم جاسم يتذكّر ذلك اليوم الذي فقد به بصره اثر استخدامه قطرة لعلاج حساسيّة العين التي كان يعاني منها، إلا إنها شخّصت له بشكل خاطئ ما أدى إلى فقدانه البصر بشكل نهائي، وفي حينها كان العلاج شحيحا والظروف المادية صعبة اثر الحصار الاقتصادي الذي يمر به العراق في تسعينيات القرن المنصرم حال دون سفره خارج البلاد للعلاج. لكن هذا لم يثبط من عزيمته فقد واصل مشواره الدراسي.

وتخرج من قسم الحاسبات، أما حياته الأسرية فهو أب لخمسة أبناء متفوقين في الدراسة أيضا، وكذلك في حياته العملية فهو يعمل موظفا بصفة مبرمج في إحدى أقسام بلدية البصرة. 
يقول قاسم جاسم: لم يشكل فقداني للبصر عائقا في إتمام رسالتي في الحياة فلدي طموح وحب للدراسة، وخصوصا قراءة التاريخ فبعد حصولي على شهادة الدبلوم في الحاسبات دخلت إلى كلية الآداب قسم التاريخ وحصلت على شهادة البكالوريوس وكنت الأول على الدفعة في 2014 ثم الماجستير وحصلت على درجة امتياز عام 2017، كما أنني الان أواصل مشواري الدراسي في قسم القانون المرحلة الثالثة بعد اجتيازي المرحلة الثانية وكنت الأول على القسم، ويواصل جاسم حديثه فيقول: إن فقداني للبصر كان في بادئ الأمر صدمة بالنسبة لي بعدها واصلت حياتي بشكل طبيعي، إذ أقوم بتنظيم وقتي بين الدراسة والعمل والبيت بحيث لا يؤثر احدها على الآخر، كما أنني أعتمد في دراستي على الذاكرة، وقليل من المراجعة باستخدام آلة تسجيل أسجل عليها محاضرات الأساتذة حين ألقائها، وعند عودتي إلى البيت أقوم بتفريغ هذه المحاضرات على آلة الحاسوب (اللابتوب) باستخدام البرنامج الناطق، أما مراجعة كتب المنهج الدراسي فمنذ بدأ العام الدراسي الجديد أقوم بجلب كل مواد الفصل، واعتمد على بناتي فهن يقمن بتفريغ كل مواد المنهج الدراسي صوتيا وموزعة بين إيقونات  داخل الحاسبة، وفي وقت الامتحان أراجعها بطريقة صوتية أيضا، كما أنّ المناقشة مع زملائي قبيل الامتحان تجعلني انتبه لبعض الأمور الغائبة عن ذهني، ويضيف قاسم جاسم أما في دورات الحاسبة ألتي أعطيها إلى زملائي المكفوفين في معهد النور، وهي دروس لمادة الحاسوب للصف الخامس والسادس الابتدائي استخدم طريقة الحاسوب الناطق نفسها موزعة بين الطلبة وطبعا الدروس التي أعطيها، بدون مقابل لان أكثرهم ظروفه المادية صعبة، وأنا تطوعا مني اعمل على مساعدتهم في خطوة للتكافل الاجتماعي والتعاون فيما بيننا، وتكون الدروس عادة مرة واحدة في الأسبوع، وفي يوم الخميس لان اليوم الذي أكون فيه متفرغا من الكلية، أما إذا كان لدي وقت فراغ فاستغله في تصليح آلة الحاسوب الخاصة بالمكفوفين ووضع البرنامج الناطق لها إذ اعتبرها واحدة من هواياتي، كما أنني لدي هوايات أخرى أمارسها، وهي متابعة الأخبار الرياضية والأخبار العلمية للتعرف على آخر الاختراعات في علوم التقنيات الحديثة، فضلا عن ممارسة رياضة المشي صباح كل يوم.