غنوا قليلاً...

اسرة ومجتمع 2019/10/29
...

ميادة سفر
 
تُجمع معظم شعوب العالم على أهمية الموسيقى، وتأثيرها النفسي والوجداني والروحي على الإنسان.
أينما وجد الإنسان وجدت الموسيقى، التي رافقت مختلف مراحل تطور البشرية فتطورت معها، وواكبت حالاته النفسية ونشاطاته وأعماله، للأفراح موسيقاها وللحزن والجنائز ألحانهم الخاصة أيضاً، فلكل طقس من الطقوس لحن يحكي عنه ويعبر عن شجونه.
يحدث الاستماع للموسيقى تغيرات فسيولوجية في الإنسان، فتسهم في زيادة القدرة على تحمل متاعب العمل وضغط الحياة، وهذا ما نلاحظه في حياتنا اليومية فالموظف والعامل تراهم يستمعون أغلب الوقت للأغاني أثناء قيامهم بأعمالهم، وأثناء قيادة السيارة، وفي البيت أغلب سيدات المنزل تقوم بتشغيل أسطوانة الأغاني أو الراديو أثناء عملهن، وحتى بعض الطلاب يرغبون بنوع من الموسيقى تساعدهم على التركيز، فلولا أثرها المريح لما رافقتنا في أغلب أوقاتنا، وهو ما أكدته الدراسات التي أجريت عن أثر الموسيقى على الإنسان، فقد أثبتت أن دورها لا يقتصر فقط على الترويح عن النفس وإنما هي أيضاً غذاء للروح ودواء للجسد، ألا يقال “تذوق الموسيقى” فهي مفيدة للجسد فائدة الطعام والشراب والدواء.
تنقلنا الموسيقى من حالة التوتر والإرهاق إلى الاسترخاء والهدوء وصفاء الذهن، حتى الموسيقى الصاخبة لها أثر لدى البعض من حيث أنها تحفز على الرقص والحركة تنشط عضلات الجسم، تحولت إلى نوع من أنواع الرياضات التي بدأت النوادي الرياضية بإدخالها ضمن برامجها “الزومبا” مثلاً.
ليس عبثاً أن تكون الموسيقى إحدى المواد التي تدخل المنهاج التدريسي في معظم دول العالم إلا تلك التي تعدها “رجساً من عمل الشيطان”، إلا أنها تحولت في بلداننا إلى حصة من حصص الفراغ لدى الكثيرين، وأذكر جيداً كيف كان مدرسي مواد مثل  الرياضيات والعلوم وسواها يستولون على الساعة المخصصة للموسيقى لإكمال منهاجهم وكأننا أمام مادة لا فائدة منها.
 لم يدرك الكثيرون أهمية التربية الموسيقية وأثرها في تهذيب الروح والنفس، كذلك الرياضة والرسم، ألم يحن الوقت لنقتنع ويدرك المسؤولون عن التربية والتعليم ضرورة زيادة الاهتمام بالفنون بشكل عام، وإيلائها حيزاً من العناية والتشجيع، لنخرّج جيلاً معافى نفسياً وروحياً واجتماعياً.
يقول المثل الغجري: “ابق حيث الغناء.. فالأشرار لا يغنون” تلك الشعوب التي جعلت من الموسيقى وطناً وتاريخاً ولغةً، ولِمَ لا؟، إن أمكن لتلك النغمات أن تحكي حكاياتنا، فكم من أمم اندثرت وبقيت نوتاتها الموسيقية، جميل أن نكتب تاريخنا بالموسيقى بدلا من كتابته بالدم والسلاح.