نشرت صحيفة "The financial times" منذ بضعة أشهر مقالاً عن منشورٍ لشركة "Facebook" سمته "المستند الأبيض" "White list"، بمحاولة لها لتحسين صورتها للعالم بعد فضيحة خرق المعلومات وتسريبها لجهات أخرى وعدم قدرتها على الحد من استعمالها من قبل مستخدميها لأعمال إرهابيَّة ومؤذية للجميع، الأمر الذي خلق لها تحدياً للمحافظة على سمعتها، ويدعي مالك الشركة مارك زوكربيرغ بمنشوره هذا أنَّه يريد أنْ يقدم "خدمة عامة" عبر شمول سكان الأرض جميعاً في الدورة المالية العالمية عبر خلق "بنية تحتية مناسبة لعملة رقميَّة عالميَّة".
وعلى الرغم من كون الفكرة جيدة وطموحة، لكنَّ البعض يراها حالمة ولا بدَّ من البحث بعمق لاكتشاف الهدف الحقيقي وراء فكرة كهذه نابعة عن شركة متورطة بسوء السمعة ومتهمة بتسريب معلومات شخصيَّة عن (2.4) مليار مشترك لديها، ويطرحون عدداً من الأسئلة منها هل سيثق المستخدم بشركة هدفها الأساسي جني الأرباح الطائلة؟ وهل ستستطيع الشركة فعلاً ضم أكثريَّة المهمشين رغم استنادها على الهواتف الذكيَّة لإتمام أعمالها؟ ومدى قدرتها على المنافسة مع مقدمي الخدمات المالية العالميَّة التي تسمح لمستخدميها المهمشين إتمام العمليات المالية عبر هواتف "بدائيَّة" لا تحتاج للانترنت بما أنَّ البنية التحتية لمد شبكات التواصل غير موجودة في المناطق التي يقطنها معظمهم. فضلاً عن عدم امتثال المهمشين للنظم القانونيَّة العالميَّة لمتطلبات الهوية وقوانين "اعرف عميلك" لأن معظم الفقراء يفتقرون لأوراق ثبوتيَّة وعنوان سكن دائم أو فواتير الكهرباء والماء
وغيرها.
وعلى الرغم من وعود الشركة باستعمال الـ "Blockchain" لإتمام عملياتها المالية للمحافظة على سرية المستخدمين فإنَّ البعض يذهب أبعد من ذلك، وبحسب البروفيسور في جامعة نيويورك سكوت غالاواي: "أولاً تتحكم بالإعلام.. ومن ثم المال.. ومن ثم الجيش"، وبعيداً عن نية الشركة الحقيقي، فإنَّ الفكرة في المقابل يمكن أنْ تلغي العمولات العالية التي تحصل عليها البنوك وشركات التحويل المالي والصرافون عند نقل الأموال عبر الحدود، كما أنَّ طرح الموضوع لفت اهتمام المشرعين على مستوى العالم وشجعهم على اعتماد نظم جديدة للتمويل الرقمي ونظم الدفع عامة، وفي هذا الشأن تحديداً يمكننا القول إن الشركة قد حققت خطوة جيدة في إطار التسويات الدوليَّة.