تركيا ترفض عقوبات الكونغرس الاميركي واعترافه بإبادة الأرمن
قضايا عربية ودولية
2019/10/30
+A
-A
اسطنبول / فراس سعدون
وصفت انقرة عملية تصويت مجلس النواب الأميركي على قرارين يفرض أحدهما عقوبات على تركيا، ويدينها الآخر بارتكاب “إبادة جماعية” ضد الأرمن قبل أكثر من 100 عام.. بأنها متخذ بالضد من عمليتها العسكرية ضد التنظيمات المسلحة الكردية شمال سوريا، بينما ردت انقرة باستدعاء السفير الأميركي لديها، وببيانات إدانة وتغريدات استنكار.
عقوبات أميركية
ووافق مجلس النواب الأميركي بأغلبية ساحقة على مشروع قانون يطالب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بفرض عقوبات على تركيا بسبب عمليتها العسكرية في سوريا، اذ صوت لصالح القرار 403 نواب بينما رفضه 16 نائبا.
وأفادت وسائل إعلام تركية بأن من بين المسؤولين الذين يشملهم مشروع العقوبات خلوصي أكار، وزير الدفاع التركي، مفيدة بأن العقوبات المقرر فرضها تحظر بيع أي تكنولوجيا يمكن أن يستعملها الجيش التركي في الشمال السوري، وتشمل أي مؤسسات مالية تركية لها علاقة بالعملية العكسرية الأخيرة.
وتوقفت العملية العسكرية التركية، عقب لقاء جمع الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في منتجع سوتشي الروسي، يوم 22 تشرين الأول الحالي، في آخر أيام مهلة من 5 أيام علق فيها اردوغان العملية العكسرية إثر اتفاقه مع مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي، في أنقرة، على انسحاب التنظيمات الكردية من المنطقة الواقعة بين تل أبيض ورأس العين شمال سوريا.
واتفق اردوغان وبوتين على انسحاب الوحدات الكردية من الحدود التركية السورية، ومغادرة تل رفعت ومنبج، مقابل نشر قوات من حرس الحدود السوري، وتسيير دوريات روسية تركية في نطاق 10 كم من الحدود.
الاعتراف بإبادة الأرمن
كما صوت مجلس النواب الأميركي، بموافقة 405 من أعضائه ورفض 11، على مشروع قانون آخر يعترف بـ”الإبادة الجماعية للأرمن” على أيدي العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى.
وقالت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب، إنها تشرفت بالانضمام إلى زملائها في “إحياء ذكرى أحد أكبر الفظائع في القرن العشرين.. القتل المنهجي لأكثر من مليون ونصف المليون من الرجال والنساء والأطفال الأرمن على يد الامبراطورية العثمانية”.
وقدم آدم شيف، رئيس لجنة الاستخبارات في المجلس، مشروع القانون في نيسان الماضي، في حين يُنتظر عرض القانون للتصويت داخل مجلس الشيوخ الأميركي، في مدة قصيرة، وسيُعد نافذا حال الموافقة عليه.
وكتب شيف في تغريدة بتويتر “لقد صوت مجلس النواب للتو على الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن، وهو تصويت حاربت لمدة 19 عاما لجعله ممكنا، كما انتظر عشرات الآلاف من الناخبين الأميركيين من أصول أرمنية عقودا ليرى هذا القرار النور. لن نكون طرفا في إنكار الإبادة الجماعية، ولن نظل صامتين، ولن ننسى أبدا”. وغرّد جو بايدن، المرشح المحتمل عن الحزب الديموقراطي للانتخابات الرئاسية المقبلة، في تويتر “باعترافنا بهذه الإبادة الجماعية؛ نكرم ذكرى ضحاياها ونتعهد أن ذلك لن يتكرر أبدا”.
الرد التركي
واستدعت وزارة الخارجية التركية ديفيد ساترفيلد، السفير الأميركي لدى أنقرة، بسبب تصويت مجلس النواب الأميركي على قراري العقوبات و”إبادة الأرمن”. وذكرت وزارة الخارجية في بيان “ندين بشدة اعتماد مشروع قانون ينص على فرض عقوبات على تركيا على أساس عملية نبع السلام في مجلس النواب الأميركي”.
وأضافت الوزارة “يتعارض مشروع القانون، الذي يستهدف كبار مسؤولينا وقواتنا المسلحة، مع روح حلف الناتو لدينا، ويتعارض مع الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن سوريا مع الإدارة الأميركية في 17 تشرين اول”. وتابعت “يجب أن يفهم المسؤولون الأميركيون الذين كانوا يتجاهلون حتى الفرق بين بلد حليف ومنظمة إرهابية وكانوا يضفون شرعية بلا مبالاة على إرهابي بخطابهم وأفعالهم في الأيام الماضية أنهم لا يستطيعون تحقيق أي شيء مع تهديدات فرض عقوبات من جانب واحد”.
وحثت الخارجة التركية الكونغرس الأميركي على “عدم استغلال القضايا الثنائية للاستهلاك السياسي المحلي، والعمل وفق روح تحالفنا وشراكتنا”، داعية الإدارة الأميركية إلى “اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع المزيد من التدهور في علاقاتنا”. ورفضت الخارجية التركية في بيان مستقل “القرار H.Res.296 المعنون (التأكيد على سجل الولايات المتحدة بشأن الإبادة الجماعية للأرمن) الذي اعتمده مجلس النواب الأميركي باعتباره تعبيرا عن شعور الأخير».
ورأت الوزارة أن «القرار الذي تمت صياغته وإصداره على ما يبدو للاستهلاك المحلي خالٍ من أي أساس تاريخي أو قانوني». ووجدت أن «القرار في حد ذاته ليس ملزما قانونيا. كخطوة سياسية لا معنى لها فالمرسل إليهم هم اللوبي الأرمني والجماعات المناهضة لتركيا».
وربطت الخارجية التركية بين موقف النواب الأميركي وما حققته أنقرة بعمليتها الأخيرة ضد التنظيمات المسلحة المعادية لها في الشمال السوري. وقالت إن «أولئك الذين شعروا بالهزيمة لعدم تمكنهم من وقف عملية نبع السلام سيكونون مخطئين للغاية إذا ظنوا أنهم يستطيعون الانتقام بهذه الطريقة».
انقرة تحذر
وحذرت الخارجية التركية من «الأضرار التي يلحقها هذا القرار بتعطيل العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، وإلحاق الضرر بمصالح الولايات المتحدة في وقت هش للغاية من حيث الأمن الدولي والإقليمي».
وأدان مولود جاووش أوغلو، وزير الخارجية التركي، موقف النواب الأميركي عبر تويتر.
وكتب جاووش أوغلو في تغريدة عنوانها «لعبة كبيرة مدمرة»، وتحت هاشتاك «عملية نبع السلام»، أن «أولئك الذين أحبطت مشاريعهم تحولوا إلى قرارات عفا عليها الزمن». وأضاف أن «الدوائر التي تعتقد أنها ستنتقم بهذه الطريقة مخطئة»، مختتما بأن «هذا القرار المخزي لهؤلاء الذين يستغلون التاريخ في السياسة هو باطل ولاغٍ بالنسبة لحكومتنا وشعبنا».
واستنكر إبراهيم كالن، المتحدث باسم الرئاسة التركية، قرار مجلس النواب الأميركي الخاص بإبادة الأرمن.
وعلق كالن على القرار في تويتر بأن «مشروع القانون الأرمني لمجلس النواب الأميركي أحد الأمثلة المخزية لاستخدام التاريخ في السياسة»، مضيفا أن «من يتهمون تركيا بارتكاب إبادة جماعية عليهم أن ينظروا أولا لتاريخهم، وللماضي الدموي لتنظيمي PKK (حزب العمال الكردستاني)، وASALA (الجيش السري الأرمني) الإرهابيين اللذين يدعمونهما».
وتقول أرمينيا إن العثمانيين قتلوا 1.5 مليون أرمني في «إبادة جماعية» عام 1915، وتدعو تركيا للاعتراف بالإبادة وتطالبها بتعويضات عنها، إلا أن تركيا ترفض تسمية ما حدث للأرمن بأنه «إبادة جماعية»، وتسميه «مأساة» طالت الأرمن لقتالهم مع الروس ضد العثمانيين، وتعرضهم لأوضاع مميتة في أثناء تهجيرهم من شرق الأناضول.