(مرة ثانية)

اسرة ومجتمع 2019/11/01
...

 شيماء عماد زبير 
كنا نحزن كثيرا لأنّ أفلام كارتون عند الساعة السادسة عصرا فقط، ولا يكرر بث الحلقة مرة ثانية ... لماذا نرغب بتكرار مشاهدة ماسبق وعشناه؟ وعرفناه؟ وحفظناه؟
انا لم أكن أعلم لماذا؟ واجد الأمور هينة اذا ارتبطت بتكرار مشاهدة الافلام والمسلسلات والكارتون ... ولكن افلام الواقع التي نكون أبطالها التي تسبب لنا بجراح عصيبة وخيارات نفسية وحياتية لاتعوض، كيف نكرر الخوض فيها مرة اخرى؟ !
هنا لا بد أن نفهم لماذا؟!، لان السلوك خطر وعواقبه (تگصف العمر) .. فاكتشفت التالي وانا أقر كتاب د.محمد طه بعنوان (الخروج عن النص) إذ يوضع خطورة دوافع هذا السلوك (تكرار الاختيارات الخطأ التي سببت تجارب مؤلمة) فيؤكد ملاحظة علماء النفس ابتداء من فرويد إلى الوقت الحاضر أن هناك نزعة شديدة وميلا غريبا لتكرار بعض الاختيارات الخاطئة في الحياة التي سببت تلك التجارب المؤلمة التي مرت على الإنسان. وهذا مايسمّى في علم النفس (التكرار القهري).
في كل مرة يمنح الإنسان ونفسه وعقله مبررا معينا ليكرر مصيبته التي سبق وعاشها!؟ 
في الحقيقة يكون الدافع الحقيقي لهذا السلوك هو اربعة اسباب.
الاول هو أن نفس الإنسان تدفعه لاعادة سيناريو الأحداث القديمة نفسها بكل تفاصيلها وظروفها وكأن الإنسان يختارها بدقة شديدة لتكون متطابقة دون أن يعلم لماذا قادته الايام إلى الحكاية نفسها! وهنا لن يتوقف بل سيخوض كل التفاصيل المؤلمة مرة ثانية فقط لأجل أن ينهيها نهاية مختلفة مغايرة لماحدث له في المرة الاولى!
السبب الثاني هو أن الإنسان قد يكون في داخله إدراك عميق لضعفه في التجربة المؤلمة التي مر بها ولهذا يسعى لتكرارها ليكون أكثر قوة وحسما وقادرا على التحكم بالأحداث وأنه غير مسير ومنقاد وضعيف كما كان في التجربة السابقة!
السبب الثالث. الانتقام إذ يسعى لاعادة التجربة مع الأشخاص أنفسهم الذين اساؤوا إليه أو مع غيرهم لكن قد يحملون الصفات نفسها لمن اساؤوا إليهم لكن هذه المرة هو الجاني وليس المجني عليه! 
السبب الرابع. هو الإحساس بالذنب لان الانسان لم يدافع عن نفسه وكان جبانا لهذا ينتقم من نفسه ويعذبها ويجلدها بتكرار الأحداث نفسها استدعاء للاذى نفسه فيتمتع بالألم وايذاء الذات لانه لايستحق الافضل!
وكل هذه الأسباب هي أداة يخدع بها الإنسان عقله ليحتال على الواقع ففي كل مرة تعود للتجارب نفسها فأنت من اخترت ولا تبرر ذلك أبداً.
وكل مرة تعود فيها لمن استهان بانسانيتك وكرامتك، فهذا قرارك وانت المسؤول فقط.
وكل مرة نتمسّك بمن يهملنا ويذلنا فنحن مسؤولون عن انكسار أنفسنا وعذابها.
شاهدوا الفيلم لمرة واحدة فقط، فلا متسع في الحياة للتكرار أو اعادة ترديد عبارة (ماعدنه حظ).