حميد المختار
في لقاء متلفز مع الروائي الليبي العالمي ابراهيم الكوني صاحب رواية ( المجوس ) و ( السحرة ) و ( رباعية الخسوف ) واعمال كثيرة تصل الى الثمانين عملاً بين رواية وشعر وتاريخ تحدث عن موضوعة النص والشخص معتقداً وهو صحيح جداً بان الناس يستهويهم الشخص لا النص لان النص صعب وهو يحتاج الى قراءة ومتابعة واسئلة وتفلسف ومعرفة فضلاً عن البطولة في اقتحام النص ، لان الناس لا يقرأون ، فقد راح عصر القراءة بسبب مواقع التواصل الاجتماعي وتقنية المعلومات التي هيمنت على عالم اليوم وابعدته عن المعرفة الحقيقية التي تكمن في النص وليس في الشخص ، لذلك نقول ان القراءة اليوم تمر بأزمة وبالتالي الكتاب هو الذي يشعر بالغربة والبعد عن مكمن وجوده العقلي في حياة الانسان، الناس اليوم خصوصاً الشباب يبحثون عن الطرق السهلة في اصطياد المعلومة ، ومن هنا فقد امسوا بعيدين جداً عن المعرفة لأنها تكمن في النص المغترب بسبب البحث المحموم عن المعلومة السريعة تماماً كما الواجبات السريعة ، لان عالم اليوم صار يعشق السرعة والحركة والأكشن وانتهى عصر الرومانس والتأمل والكتابة المعرفية ، لكن مع كل هذه الاشكاليات والعراقيل التي تقف امام النص وتمنعه من التداول والمرور السليم الى العقول الانسانية يبقى النص هو اللاعب الاساس في الوجود المعرفي والثقافي لأنه أي النص هو الذي يمثل الكاتب وليس الكاتب هو الذي يمثل نصه ، فهو الحكم والفصل بينه وبين التسطيح والجهل لا الشخص ، الشخص هنا وانا بالتأكيد اقصد الكاتب المبدع هو من يراقب عن كثب ويشاهد ويسجل وهو ليس بالضرورة ان يكون مشاركاً ومسيساً ومؤدلجاً حتى يكون فاعلاً وبالتالي يؤثر على نصه ليكون ميدانياً ، ربما سيتحول النص الى نص تعبوي ان شارك كاتبه في المعمعة ، لكن المشاهد والمراقب والمتأمل هو وحده القادر على انتاج نص ممتلئ ، هذا الامتلاء سيكون غذاءً معرفياً لان كاتبه صاحب رؤية ورؤيا لهذا سيلعب نصه دوراً كبيراً في محاكمة الواقع ، ولهذا يصرخ ابراهيم الكوني ويقول حاكموني من خلال نصي ، لان نصي هو من يمثلني ، وبالتأكيد فالاحتكام للنصوص هو المعيار الحقيقي للوصول الى الحقيقة الساطع ، لان النص هو الحكم لا الشخص ، ولكن مع الاسف الشديد، الناس هنا يتعبون ويتكاسلون فلا يقتربون من النص ومن يمتلك القدرة والشجاعة والجرأة لقراءة النص وتأمله ، لهذا يختارون السبل اليسيرة للوصول الى الشخص ومحاكمته والحكم على نصوصه ونتاجه من خلال احكامهم السريعة على الاشخاص ، وهذا المرض سائد في الاوساط الثقافية العراقية والعربية وسببه الرئيسي هو ازمة القراءة ونفي الكتاب عن عقول شباب هذه الايام ....