الإجارة المنتهية بالتمليك.. المتطلبات عند التطبيق

اقتصادية 2019/11/03
...

د. صادق الشمري
 
من المتطلبات الاساسية للإجارة المنتهية بالتمليك بناء على رغبة العميل في ابرام عقد اجارة منتهية بالتمليك يقوم المصرف بشراء العين من البائع فيمتلكها ويدفع الثمن المطلوب. (اذ يمنع تأجير عين غير مملوكة (للمؤجر) وهذا النهي عن بيع الانسان ما ليس عنده والاجارة بيع منفعة). 
• يؤجر المصرف العين لعميله بصفته مستأجراً ويعده بتمليكه العين اذا وفى بجميع الاقساط الايجارية (وعد بالهبة او وعد بالبيع بسعر رمزي يتفق عليه). 
• يدفع المستأجر الأقساط الايجارية في الاجال المحددة والمتفق عليها 
• عند انتهاء مدة الاجارة ووفاء المستأجر بجميع الاقساط المستحقة يتنازل المصرف عن ملكيته للعين لصالح المستأجر على سبيل الهبة او البيع حسب الوعد. 
تنتقل ملكية العين المؤجرة الى المستأجر. 
يجوز أن شخصاً يريد ان يمتلك او يشتري بناية او عيناً من شخص آخر ثمّ يقوم بإيجارها الى الشخص نفسه الذي تمّ الشراء منه، وهي صورة لا تتحقق فيها العينة (كما يجوز الاجارة “لعين” موصوفة في الذمة قبل تملكها وتكون كالسلم ولا يشترط تعجيل الاجرة فيها).  
إنّ عقد الاجارة هو عقد لازم لا يملك لأحد الطرفين الانفراد بفسخه او تعديله دون موافقة الاخر ولكن يمكن فسخ العقد بالعذر الطارئ. 
وهو عقد لازم ولا ينفرد المستأجر بفسخه ويكون حسب مستند الرجوع الى أجرة المثل بفوات التمليك لسبب لا يد فيه للمستأجر ان في ذلك دفع الضرر عنه، حيث انه دفع اكثر من اجرة المثل لتحصل له الملكية فاذا فاتت ترد الاجرة الى اجرة المثل وهو استئناس (بمبدأ الجوائح) في الثمار إذ يوضع جزء او يحط جزء من الثمن اذا تلفت بآفة سماوية. 
على سبيل المثال ان (المصرف ×) قام بتأجير بناية لأحد زبائنه على سبيل اجارة موصوفة بالذمة لمدة (خمس سنوات) وفي السنة الثالثة انهدمت البناية، علماً ان هلاك او تدمير البناية يترتب عليه (في حالة الهلاك الكلي او الجزئي لهذه البناية طالما ان الاجارة الموصوفة في الذمة، فعلى المالك تقديم عين او بناية بديلة اي ان عقد الاجارة يستمر مع التزام المؤجر او مالك البناية تقديم بناية بديلة او عين بديلة بنفس المواصفات (اي ذات مواصفات مماثلة للعين او البناية (الهالكة) ما لم يتفقا على غير ذلك ويستمر عقد الايجار لباقي المدة الا اذا تعذر البديل فينفسخ العقد. 
اما في حالة اجارة العين المعينة (البناية المعينة) فيجوز فسخ عقد الاجارة اذ ان الاجارة تنتهي بالهلاك الكلي للعين او بتعذر استيفاء المنفعة وذلك لفوات المنفعة المقصودة. 
فيجوز فسخ عقد الاجارة اذا هلكت العين المؤجرة كلياً علماً ان الاجرة نظير المنفعة فاذا هلكت (العين) او البناية لم يبق مسوغ لاستحقاق الاجرة. 
 
ملاحظات لا بدَّ منها 
لا يجوز ان يشترط في حالة الهلاك الكلي للعين المؤجرة (البناية المؤجرة) اداء بقية الاقساط. 
كما يجوز ان تكون الاجرة (نقودا او عيناً او سلعة او منفعة (خدمة) ويجب ان تكون الاجرة معلومة ويجوز تحديدها بمبلغ للمدة كلها. 
كما يجوز (للمصرف) ان يطلب من الواعد بالاستئجار ان يدفع مبلغاً محدداً الى (المصرف) يحجزه لديه (لضمان جدية الزبون) في تنفيذ وعده بالاستئجار وما يترتب عليه من التزامات. 
إنّ عقد الاجارة لازماً انه من عقود التمليك القائمة على المبادلة بين عوضين الاصل فيها اللزوم لقوله تعالى (أوفوا بالعقود..) وكذلك جواز فسخ عقد الاجارة للاعذار مع وجوب تحديد مدة الاجارة اذ عدم التحديد يؤدي الى الجهالة والمنازعة وكذلك يجوز أخذ (العربون). 
كما لا يجوز إبرام عقد اجارة آخر بعد اجارة البناية او العين لان منفعة العين خرجت من تصرف المالك بعقد الايجار الاول فصار (محل الاجارة) مشغولاً (بالمستأجر) الاول فلم يبق للاجارة الثانية محل ولا يمكن ادخال مستأجر جديد الا باتفاق على فسخ العقد مع المستأجر الحالي.. 
كما انه (منع اشتراط المؤجر) البراءة من عيوب العين المؤجرة اذ ان (المؤجر) يتحمّل تبعة الهلاك والعيب في العين ما لم يكن ذلك بتعدي او تقصير من المستأجر (اذ ليس للمؤجر التبرُّؤ من عيوب العين). 
وطالما ان (المؤجر) اي المالك للعين يستحق (الاجرة) مقابل منفعة العين وعليه كما يمنع من اشتراط الصيانة الاساسية على المستاجر اذ ان بقاء المنفعة واجب على المؤجر ولا يتحقق ذلك الا بسلامة العين وصيانتها وذلك لاستحقاق المؤجر الاجرة. 
كما ان مصروفات التأمين يتحملها (المؤجر) دون (المستأجر) لكون ان ضمان الملك على المالك (المؤجر). 
كما ويجوز (استخدام مؤشر) لتحديد اجرة الفترات التالية للفترة الاولى من مدة الاجارة وهو من قبيل الرجوع الى اجرة المثل كما يجوز تعديل اجرة الفترات المستقبلية اما لو تمت زيادتها عما مضى من المدة مع زيادة اجل السداد فتكون من الربا الممنوع، كما لا يجوز الزيادة في دين الاجرة مقابل زيادة اجل سدادها، ويجوز الاشتراط على (المدين المماطل) بالتزام التصدق بمبلغ زائد عن الدين ليصرفه (المصرف او المؤسسة) في وجوه الخير وهو من قبل الالتزام بالتبرع. 
كما يجوز بيع العين (المؤجرة) من قبل (المؤجر) لغير المستأجر بدون رضا المستأجر، اذ ان المؤجر (المالك) يتصرف في ملكه وهي العين دون اخلال بحق 
المستأجر. 
كما يستحق المؤجر الاجرة ولو اعاد (المستأجر) العين او توقف عن استخدامها لان عقد الاجارة عقد لازم لا ينفسخ الا برضى الطرفين (اي لا ينفرد المستأجر بفسخه). كما يجوز فسخ الاجارة بالعذر (الطارئ) هو الحاجة لانه لو لزم العقد مع وجود العذر لزم صاحب العذر ضرر لم يلتزمه 
بالعقد. 
كما يجوز (للمؤجر) فسخ الاجارة لعدم سداد الاجرة وكما ان الاجارة لا تنتهي بوفاة احد العاقدين انها متعلقة (بالعين المؤجرة) فما دامت العين باقية (العقد قائمٌ) فالاجارة باقية. 
كما يجوز للورثة فسخ عقد الاجارة اذا اثبتوا عجز مواردهم عن اعباء العقد دفع الضرر عنهم.
انه (وجوب استقلال وثيقة الوعد وطريقة التمليك عن عقد الاجارة). 
مع وجوب الزامية الوعد كون ان المصرف اذا دخل في امر لم يكن يدخل فيه لولا الوعد وهو شراء (العين) لتأجيرها اليه، كون ان الزامية الوعد تدرأ الضرر عن الموعود ومستند مع (المواعدة الملزمة) انها تشبه العقد فيؤدي ذلك الى التعاقد قبل التملك – كما يجوز مشروعية تعليق (الهبة) على اتمام الاجارة لكون ان (الهبة) تقبل التعليق.. اذ وهب الرسول (ص) النجاشي (هبة معلقة على وجوده حياً حين وصول حاملها
 اليه).  وايضاً بجواز اجارة العين تأجيراً منتهياً بالتمليك الى من اشتريت منه بشرط مضي فترة (بعد فترة طويلة) كي يبعدها عن بيع العينة لان تغير العين او تغير قيمتها بمضي المدة يجعلها بمثابة عين اخرى. 
وكما وجب تطبيق احكام الاجارة على الاجارة المنتهية بالتمليك انها بوجود الوعد بالتمليك لم تحرم كونها اجارة وثبوت احكام الاجارة لها ولمنع تداخل العقود (البيع والاجارة) ومنع التمليك مضافاً للمستقبل لان اثره يختلف عن صيغته. 
كما جوز الرجوع الى اجرة المثل بفوات التمليك لسبب لا يد فيه للمستأجر ان ذلك دفع الضرر عنه حيث انه دفع اكثر من اجرة المثل لتحصل له الملكية.. فاذا فاتت ترد الاجرة الى اجرة المثل وهو استئناس بمبدأ الجوائح في الثمار حيث يوضع (او يحط) جزء من الثمن اذا تلفت الثمار آفة سماوية. 
ولمعالجة اختلالات العقود في اطار (نظرية او مبدأ الجوائح) اذ تقدم علاجاً لما تفرزه الظروف الطارئة من اثار سلبية على التعاقدات (علاجاً يحقق العدالة) وتوزيع عبء الخسارة ويراعي الظروف الاستثنائية المسببة اختلالاً في مبدأ تكافؤ الحقوق والالتزامات في العقود المتمثلة بـ (الثلث المجاح) وان مبدأ او نظرية الجوائح غير قاصرة على باب الزروع وهي تملك من الامكانيات ما يؤهلها لتكون قاعدة في معالجة اختلالات العقود، اذ يتدخل هنا المشرّع لرفع هذه الخسارة فيجعلها من ضمان البائع لا من ضمان المشتري؛ تحقيقاً للتوازن العقدي لمبدأ العدالة في (العقود)، وان هذا المبدأ (الجوائح) تعمل على رفع الضرر عن المشتري المنكوب بخسارة فادحة لم تكن مستحقة بالعقد من لا يد له فيها وليس له قدرة على وضعها؛ لأنّها حصلت بسبب ظروف طارئة غير متوقعة وهي الآفة التي يهلك الثمار او الزروع او الخضار المشتراة بعد بدو صلاحها.. اهلاكاً تاماً او جزئياً فيتدخل المشرّع هنا لرفع هذه الخسارة فيجعلها من ضمان البائع لا من ضمان المشتري، وهو ان يكون الثمن مساوياً للسلعة المشتراة. 
وان مبدأ الجوائح في الثمار (إذ يوضع او يحط جزء من الثمن اذا تلفت بآفة سماوية). 
وفي مرحلة الواعد بالاستئجار في الاجارة المنتهية بالتمليك يجوز تنظيم اطار عام للاتفاق الذي ينظم عمليات الاجارة بين المصرف والزبون متضمنة الشروط العامة للتعامل مع الطرفين. 
كما يجوز للمصرف ان يطلب من الواعد بالاستئجار ان يدفع مبلغاً محدداً الى المصرف يحتجزه لديه لضمان جدية الزبون في تنفيذ وعده بالاستئجار وما يترتب علىه من التزامات، كما يمكن لعملية التأجير ان تتم من دون ان يسبقها تنظيم إطار عام يقع ابرام الاجارة مباشرة وهو الأصل. 
ووما تقدم فإنّ الضرورات تتطلب ان من المصارف الاسلامية بناء ملاكات قادرة على العمل المصرفي من الناحية المهنية وقادرة على الافتاء، وأن تواكب التطورات التقنية المتسارعة، لذلك فقد نأت بنفسها عن ابتكار منتجات وخدمات عديدة لغرض اختراق السوق المصرفية كالمرابحات والمضاربات 
والمشاركات. 
ومن المنتجات والخدمات المبتكرة التي سيركز عليها في ورقتنا هذه هي الإجارة والإجارة المنتهية بالتمليك المستحدثة والتي يمكن من خلال هذه الأداة التمويلية والاستثمارية تشغيل اموال المصارف وتحقيق أرباح وتوفير فرص عمل لشرائح واسعة من المجتمع بحيث تعزز بيئة اقتصادية وتنمية مستدامة.
وباعتبارهذه الأداة هي تمليك منفعة مباحة لمدة محددة مقابل عوض مادي معلوم، وهي ثمن المنفعة او بدلها الناشئة عن استخدام او الانتفاع باحد الموجودات الثابتة.
نسأل الله التوفيق فيما يحبه ويرضاه وان يهدينا سبل الرشاد.
*خبير مالي دولي