ثبات سعر الصرف

اقتصادية 2019/11/03
...

محمد شريف أبو ميسم
 

من بين أهم الأدوات التي أسهمت في ثبات سعر صرف الدينار أمام الدولار الأميركي في سوق الصرف الموازي، هو اعتماد اسلوب بيع يعتمد تنفيذ عمليات البيع الاستباقية في مزاد بيع الدولار بالبنك المركزي العراقي، إذ تتم اجراءات تلبية طلبات المصارف المشاركة في المزاد قبل يوم واحد خلال أيام الدوام الرسمي أو قبل أيام عطلة نهاية الاسبوع والعطل الرسميّة الأخرى، لضمان تمويل التجارة الخارجية والبيع النقدي في الأيام التالية، ومن ثمّ قطع الطريق على المضاربين في السوق الموازي.
وقد اعتمد هذا الاسلوب منذ الثلاثين من آيار عام 2017، وهو اليوم الذي شهد فيه سعر الصرف في السوق الموازي انخفاضا يقترب من سعر البيع الرسمي، ثم استمر هذا السعر في ثبات مصحوب بهامش ربحي بسيط في السوق الموازي على الرغم من التذبذبات النسبية خلال بعض الأيام الاستثنائية التي حاول فيها بعض المضاربين عبثا استغلال الأحداث والمعطيات التي تشهدها البلاد بهدف جني الارباح. 
وقد نجح هذا الاسلوب نجاحا كبيرا في تحقيق استقرار نقدي يؤسس لحالة ثبات سعر الصرف في السوق الموازي، بما يمهد لبيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي، وضمان استقطاب الرساميل الأجنبية التي عادة ما تبحث عن الاستقرار النقدي في البيئات الاستثمارية، بهدف وضع دراسات جدوى اقتصادية تستطيع أن تخوض في احتمالات الحسابات المالية للمشروع بعيدا عن تذبذبات سعر الصرف غير المحسوبة جراء المعطيات التي قد تشهدها بيئة الاستثمار.
وعلى هذا فإنّ ثبات سعر الصرف في السوق الموازي هذه الأيام التي تشهد فيها بلادنا تظاهرات سلمية انسحبت تداعياتها على حركة السوق وطبيعة الأسعار هنا أو هناك جراء سلوكيات الانتهازيين والطفيليين في سوق السلع والخدمات، يعد وبحق دلالة واضحة على نجاح السياسة النقدية في مواجهة المعطيات في مثل هذه الظروف. الأمر الذي يبعث برسائل ايجابية للمستثمر الأجنبي بشأن البيئة النقدية الآمنة وامكانية وضع دراسات الجدوى للمشاريع على أساس سعر صرف ثابت لا يتأثر الا في نطاق ضيق للمضاربات تبعا لمكان المعطيات ووقت الحدث.
ومن هنا يمكن القول، إنّ الترتيبات التي أعدت بشأن التمهيد لبيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي، بعد مؤتمر الكويت لإعمار العراق الذي عقد مطلع العام الماضي، والاتفاقيات الثنائية التي أبرمتها الحكومات العراقية مع عديد من الدول والشركات ماضية في توقيتاتها، وان المتغيرات المحتملة في المشهد السياسي لن يكون لها أثر على بيئة الاستثمار التي يفترض أن تكون جاذبة بفعل الاستقرار النقدي والأمني والتطور الحاصل في القطاع المصرفي والبيئة القانونية، بعد أن بقيت بيئة واعدة على مدار ستة عشر عاما بانتظار تدفق الرساميل الأجنبية.