منحت منظمة التجارة العالمية، الصين حق مطالبة الولايات المتحدة بقيمة 3.6 مليارات دولار كتعويض، في إطار نزاع تجاري بينهما يعود إلى ما قبل بدء الحرب التجارية بين البلدين، لكنَّ الخطوة من شأنها أنْ تؤدي إلى التصعيد التجاري بينهما.
وكالة “بلومبيرج” للأنباء، أشارت إلى أنَّ الأمر حين يتعلق بقرار خارج نطاق المفاوضات التجارية الحالية بين بكين وواشنطن، فإنه يعطي بكين سلاحاً جديداً في مواجهة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
لجنة تحكيم
في إطار حكم لمنظمة التجارة العالمية، قالت لجنة تحكيم مكونة من 3 أعضاء إنَّ مصدّرين صينيين عانوا خسائر في التجارة بقيمة 3.579 مليارات دولار سنوياً. ويمكن للصين الآن أيضاً أنْ تطلب من هيئة تسوية المنازعات في المنظمة ضوءاً أخضر لفرض رسوم جمركيَّة انتقامية على بضائع أميركيَّة مستوردة بالقيمة ذاتها كل عام. وسبق للعملاق الصيني أنْ أبلغ منظمة التجارة في أيلول 2018 أنَّ بكين عانت خسائر بقيمة 7.043 مليارات دولار سنوياً بسبب رسوم مكافحة الإغراق التي قضت لجنة بالمنظمة في 2016 بأنها غير قانونيَّة وهو حكم جرى تأييده لاحقاً .
وبناءً على ذلك طلبت الصين السماح لها بزيادة الحواجز التجارية على بضائع أميركيَّة بالقيمة نفسها وهو ما تسمح به قواعد منظمة التجارة العالميَّة. ومع اعتراض إدارة ترامب على قيمة التعويضات أرسلت القضية إلى التحكيم. ولم يصدر تعقيبٌ حتى الآن من مكتب الممثل التجاري الأميركي على قرار لجنة التحكيم.
ثالث أكبر عقوبة
يذكر أنَّ هذه العقوبات هي ثالث أكبر عقوبة على الإطلاق تقرها منظمة التجارة العالميَّة ضد إحدى الدول منذ تأسيسها. وتعودُ الشكوى الصينيَّة، إلى ما قبل اشتعال الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة منذ 18 شهراً، والتي أدت إلى تبادل فرض الرسوم العقابيَّة بين البلدين.
والتعويضات الممنوحة، في وثيقة نشرت الجمعة على الموقع الإلكتروني للمنظمة ومقرها جنيف، هي ثالث أعلى معدل في تاريخ منظمة التجارة العالميَّة. والمبلغ يمثل نحو نصف ما طلبته الصين، التي جادلت بأنَّ بعض قواعد مكافحة الإغراق الأميركيَّة لا تستند الى أساس
قانوني.
اتفاق جديد
الى ذلك، ذكر وزير التجارة الأميركي ويلبور روس، أنَّ “المرحلة الأولى من اتفاق التجارة المبدئي مع الصين تبدو في وضع جيد ومن المرجح أنه سيوقع في حوالي منتصف تشرين الثاني الحالي”، برغم أن الموعد على وجه التحديد ما زال مثار تساؤل.
وأبلغ روس شبكة فوكس بيزنس في مقابلة “نحن مرتاحون جداً لأنَّ المرحلة الأولى في وضع جيد”.
وكان ترامب ومسؤولون آخرون في الإدارة ينظرون إلى قمة التعاون الاقتصادي في آسيا والمحيط الهادئ في 16 و17 تشرين الثاني كمكان محتمل لتوقيع الاتفاق مع الرئيس الصيني شي جين بينغ قبل أنْ تلغي تشيلي هذا الأسبوع خطتها لاستضافة القمة الدوليَّة.
وقال روس للشبكة التلفزيونية: “آمل أنْ يكون بمقدورنا تحديد موعد جديد في تلك الفترة عينها”، مضيفاً أنه لم يتم بعد تحديد مكان جديد لاجتماع
الرئيسين.
ومن المتوقع أنْ يتحدث مفاوضون كبار من الولايات المتحدة والصين هاتفياً، بينما يستعد روس على نحو منفصل للسفر إلى آسيا لحضور قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا في تايلاند والتي تستمر 3 أيام.
وقال: “هناك بعض الصفقات سيتم الإعلان عنها، بعضها صفقات بأحجام جيدة للغاية.. ستعلَن في أثناء قيامي بهذه الرحلة” لكنه لم يفصح عن مزيدٍ من التفاصيل.
نظام تسوية
ويأتي هذا الحكم أيضًا في الوقت الذي تقوم فيه الولايات المتحدة بشن هجوم على نظام تسوية المنازعات بمنظمة التجارة العالميَّة، إذ ستنتهي الأحكام الحالية لاثنين من آخر ثلاثة قضاة في هيئة الاستئناف في كانون الأول المقبل، ومن المرجح أنْ تستشهد إدارة ترامب بالقضية كمثال على ما تعدَّه امتدادًا لنظام نزاع منظمة التجارة العالميَّة. ويمكن للصين الآن أنْ تطلب من هيئة تسوية المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية السماح بتعريفة انتقاميَّة على البضائع الأميركيَّة. وعادة ما يتم منح مثل هذه الطلبات.
تشمل الخطوات التالية بالنسبة للولايات المتحدة تعديل قيودها غير القانونيَّة لمكافحة الإغراق على المنتجات الصينيَّة المعنيَّة، أو حل النزاع مباشرة مع الصين وهي خطوة يمكن أنْ تحدث نظريًا كجزءٍ من محادثات الحرب التجاريَّة الأوسع نطاقًا بين واشنطن وبكين.
في هذه القضية، كانت رسوم مكافحة الإغراق التي فرضتها الولايات المتحدة على 13 نوعاً من المنتجات الصينيَّة المستوردة بما في ذلك الآلات والإلكترونيات والمعادن. تم إحضارها للمرة الأولى من قبل الصين في العام 2013 وحكمت لجنة منظمة التجارة العالمية لصالح بكين في العام 2016. وكانت نقطة الخلاف هي المنهجيَّة التي تستخدمها الولايات المتحدة لحساب تعريفات مكافحة الإغراق، وعلى وجه الخصوص، كيف تستخدم واشنطن طريقة “التصفير” المثيرة للجدل في تلك الحسابات.
لقد حكمت منظمة التجارة العالمية مرارًا وتكرارًا ضد استخدام الولايات المتحدة للتصفير. ولكنْ بسبب الضغط المحلي من الصناعات التي تعتمد على رسوم مكافحة الإغراق لمنع الواردات الرخيصة من الصين وغيرها، تحدت الولايات المتحدة هذه الأحكام منذ فترة طويلة.
سياسة التصفير
كان الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتيزر ، وهو محامي سابق لمكافحة الإغراق في صناعة الصلب، مدافعًا منذ وقت طويل عن استخدام التصفير.
وقال ستيفن فون، وهو شريك في مكتب المحاماةKing & Spalding ، إنَّ “قرار منظمة التجارة العالميَّة يوضح كيف تستخدم دولٌ مثل الصين هذا النظام لجعل الولايات المتحدة تعاني من صعوبة الاستجابة للممارسات التجاريَّة غير العادلة في الخارج”.
وأضاف “لسنوات، حذرت إدارات الولايات المتحدة المسؤولين في منظمة التجارة العالميَّة من أنَّ مثل هذه القرارات تجعلُ من المستحيل على الأميركيين أنْ يثقوا في عملية تسوية المنازعات”. مستدركاً “من المؤسف إنَّ هذه التحذيرات لم تؤخذ بجديَّة أكبر”.