حوار في الوطن والمواطنة

اسرة ومجتمع 2019/11/05
...

حميد السوداني

 
 
 
احترام الآخر ليست خيانة، وليس ضعفاً في المبدأ إنما يندرج ضمن الحضارة الإنسانية وتطور أوراقها التي أصبحت قوانين ودساتير وبالتالي فهي تشكل إضاءة للنفس البشرية وتوسع مخيلتهُ السياسية بالرغم من تراكم الوقفات والتردد الذي يسبق هذا الاحترام بالثقة والذهاب بعيداً نحو ما أرسلهُ جبران الى ميخائيل نعيمة ((سلاماً على روحك الطيبة وقلبك الكبير )).
      احترام الآخر من خلال الروح هو التوفيق بالمسيرة الوطنية الى غايتها المنشودة، وهي تكبر كلما كان أمتداح الآخر لها صادقاً، ولهذا ما يدور من الكلام والحوار كلما اقتصرعلى القليل كانت منفعتهُ اكثر، ولا أحد يختار الليل بدل النهار، والعاصفة بدل الهدوء، إن المنظور الى المصالحة بكل المحاولات المنشودة هي رؤية مقبولة عند الاغلبية ممن يعشق السلام ويبذل الغالي والنفيس من أجل بناء وطن جديد يحمي الكل ويفتح قلبه الكبير للجميع، حرية وعلماً وخبزاً وعافية.
وهكذا نكون قد حصلنا على هوية مفهومة غير معقدة، تلتقي فيها المصائر جميعاً بأمل واحد يفرض نفسهُ للبحث عن حياة عامة فيها العيش الكريم والعدالة التي تأتي قوية تشابه وضوح وأساس عدالة السماء والشعوب التي أمسكت خيوطها قبلنا وراحت تغزل الحرير لطريق تعبدهُ السعادة ويضاءُ بشمس الاحرار.
إننا حينما ننظر لهذهِ الاحتمالات في المصالحة في التقارب في التشريع والتنفيذ وكل أشكال الحكم لا بدَ أن يكون الشعب أولاً واخيراً، ولا يمكن أن يخطأ من يعمل الواجب القريب منهُ، والصغير والأقل من الصغير، فإن طريقه أصبح هو الواجب الذي يؤدي الى ما قالهُ الحديث الشريف ((لا يؤمن أحدكم حتى يحُب لأخيه ما يحب لنفسه)).
إن النظرة الفوقية للأنسان الجديد تصورهُ على انهُ بشر هامشي لا يستحق الهوية وإنهُ خارج المواطنة، إنسان يجد صعوبة البقاء داخل سلامه المسلح بالرضا وإيمانه بأن كل شيء يرجع من خلال العودة الى الجذر المتأصل بالنبل والشهامة، كذلك دفاعهِ لقديم والجديد عن أرض الوطن الذي ولد فيه وأصبح من رجالهِ، ولهذا لا بدَّ من تمجيد أي محاولة اقتراب وتصالح بين هذهِ وتلك على أمل أن تزول كل تلك الغيوم لنرى بريق العمل والانتاج وضخامة المسؤولية الوطنية غافلاً عن قراءة نص الحياة ومجدها وانتصارها في الوجود.
   إن العمل التصالحي له قيمة كبرى حين تتواصل خيوطه وتكمل شبكة اللقاءات المثمرة وبطرق مختلفة، سواء عن طريق الروح الواسعة أو القلوب الكبيرة، فيها ترمى الأوراق، وتتكاتف الأيدي، ونؤمن بجدوى العمل لصالح الكل والابتعاد عن البطولات الفردية للحصول على حالة حرية صغيرة المراد منها حصاد الوقت بما فيه.
 إن الخلاف والقبول عند الإنسان متأصل منذُ القديم، وهي من مكتسبات المشاركة في المجتمع أولاً وزيادة الوعي ثانياً، لهذا فإن ملامح اتفاق الجماعات المؤهلة للعيش مع الآخر واردة بنسبة جيدة، وإن قيمة هذا التصالح عند البعض إنجاز تاريخي بالغ الأهمية.
ولا ننسى ان من أهم سمات المجتمع الواعي المتحضر في الزمن السياسي المعاصر هو الاتفاق، والمكان الأمن المحُصنّ الذي يرتوي فيه الإنسان من مائهِ ويتغذى من خيرهِ ويعمل في أرضه ويدافع عن ترابه، الكل هكذا قد وضعت شعوبها إيدلوجيات مختلفة كل واحد لهُ صفة مشتركة لا يرفضها الآخر وربما يقلدها والمثل يقول 
((المرءُ مرآة أخيه)).