بغداد/ مآب عامر
صدرت حديثاً المجموعة الشعرية "قريباً من البوح بعيداً عن الأثر" للشاعر علي حنون العقابي، وتضمن الكتاب خمس عشرة قصيدة ومن عناوينها " بقايا لوح سومري، مرحى أيها الطوفان، تحت أسوار أوروك، سومريون من جهة القلب، لن أرثيك أنكيدو، هكذا تكلمت سيدوري، على خطى الدرويش، عن الراس المثقل بالنيات، لنملأ سلالنا بالذهب، أكثر وضوحاً من الكلام، هذه البصرة يا مولاي، سبايا سنجار، سبايكريون، المضرج بعطر الأبجدية".
ففي قصيدة بقايا لوح سومري يقول العقابي:" لبيك أيها الموت حين تأتي/ أيها الصعب المزيّن بالأسرار/ يا من كتبت بمسمارك لغة الأقدار على لوح قديم/ خذني قبل أن يضيع دمي بين القبائل/ دعني أغادر هذا الضجيج/ فقد رتبت نعشي قبل الأوان/ لا تسأل ما كان مني وكيف أخذتني الليالي غفلة/ تركت في دفاتري ما تبقى من التراتيل/ لم يبق لي غير الشفاعة بتلك ألهمم/ لذلك سوف أصوغ الحروف/ بكل ما يجعلني خاشعاً أمام تلك الرعشة/ فلا تمضغ القول وتدحرج الماضي على الرمل/ إياك أن تصمت وتؤجلني لنزوة أخرى/ فهذا هو الاعتراف الأخير".
أما في قصيدة سبايكريون، فيقول الشاعر:" سبايكريون يحيط بنا اللهب/ نتشكل تحت الماء أسوة بالمعجزة/ جنوبيون/ لم نرفع الشكوى لأحد/ لم نهبط عن مستوى العصف/ كان الموت يتلصص علينا/ من ذلك المكان المهجور إلاّ من الأشباح/ كان القصر للطاغية ثم صار مذبحاً للمسلات/ ذلك المكان في تكريت جزء من الفضيحة/ تشم فيه رائحة الكهوف/ وتحرسه أفواج من الخفافيش/ يومها كانت الريح هائجة لانحطاط الكائن العدمي/ تلبدت السماء في تكريت عندما اغتالتنا البنادق/ طلقات في القلب ويرتفع الغمام/ جحافل من العناكب على الطريق/ تندس بين الثغرات وطباعها ممزوجة بالغدر/ تناثرت المخطوطة السومرية في الماء/ وتفطرت ألواحنا من هول الفاجعة/ تحطم الفخار لشعب توغل في النقوش/ فكيف له أن يخرج من هذا الغرق؟"
ويشير الناقد عباس لطيف ضمن مقالة بعنوان"ثنائية المثولوجي واليومي في ديوان قريبا من البوح بعيدا عن الأثر" في مقدمة المجموعة الشعرية (ما زال علي العقابي يراهن على عناصر القوة التعبيرية بانتقائه المفردة الشعرية وزجها في المناخ الدرامي والتأويلي.. ويسعى إلى إزاحة اللغة عن مقياسها القاموسي ليصنع بعداً جمالياً وتأويلياً وحراكاً في الصورة.. هذه النصوص المبتلة برائحة الميثلولوجيا فإنها تشرع بالاحتفاء بفكرة التجاوز والبطولة واستحضار رموز وشخصيات أسطورية لها بعدها الرمزي مثل أنكيدو وكلكامش وسيدوري وغيرها).
جاء الكتاب في (100) صفحة من القطع المتوسط الصادر عن دار لارسا للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة.