روسيا: انهيار اتفاق إيران النووي يضع الجميع في خطر

قضايا عربية ودولية 2019/11/11
...

موسكو / وكالات 
حذرت روسيا من عواقب وخيمة للانهيار المحتمل للاتفاق النووي مع ايران،  مشيرة الى ان ذلك ان حصل سيؤدي الى تصعيد حدة التوتر في العالم وقد يتحول الى صراع مفتوح.  بينما اكدت طهران ان جميع خطواتها في خفض التزاماتها تأتي في إطار الاتفاق النووي وليس خارجه. واصفة العقوبات المفروضة عليها من قبل اميركا بأنها فاشلة وشكلت فرصة ذهبية، لتخليص الاقتصاد الايراني من الاعتماد على النفط. 
روسيا: الجميع في خطر
وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، في كلمة ألقاها في مؤتمر حظر الانتشار النووي الذي تستضيفه موسكو حاليا: ان انهيار الاتفاق مع إيران بشأن البرنامج النووي سيؤثر، من بين أمور أخرى، في أسواق السلع، لافتا الى ان موسكو تأمل أن يتم فهم تلك المخاطر في واشنطن. وتابع  “لن يستفيد أحد، لا إيران ولا الولايات المتحدة ولا أوروبا ولا بقية العالم، من انهيار خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني، لأن اشتداد حدة التوتر المحفوف باندلاع صراع مفتوح، سيعود بعواقب وخيمة حول العالم بحيث سيؤثر في الاقتصاد وسيضرب أسواق السلع الأساسية والمالية”.  وأشار ريابكوف الى ان “الانهيار النهائي المفترض للاتفاق النووي بأكمله سيؤدي الى نشوب ازمة كبرى جديدة في الشرق الأوسط”، مضيفا أن موسكو تأمل أن تدرك واشنطن خطورة الحالة.
 
طهران: العقوبات نعمة   
وخلال كلمة القاها في المؤتمر نفسه.. اكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية عباس عراقجي، ان “سياسة الضغوط القصوى التي تنتهجها الولايات المتحدة ضد بلاده، سياسة فاشلة، ولم تجد نفعا ولم تحقق أهدافها، نعم في البداية كانت لدينا هزات، ولكننا الآن تأقلمنا مع الحظر، ونعرف كيف نتعامل معه”.  ولفت الانتباه الى ان “سياسة تصفير صادرات النفط، كانت نعمة لإيران وشكلت فرصة ذهبية، لتخليص الاقتصاد من الاعتماد على النفط”، مؤكدا أن “طهران تعمل على تنظيم الميزانية بناء على عدم الاعتماد على صادرات النفط”.    كما قال عراقجي، في كلمته التي القاها في مؤتمر عدم الانتشار النووي بموسكو: “لقد كان هناك عدد كبير من الحوادث والهجمات والحالات الأخرى، آخرها الهجوم الذي وقع قبل شهر على ناقلة نفط إيرانية باستهدافها بصاروخين وما زلنا نحقق لمعرفة الجهة الضالعة وسنرد على ذلك في الزمان والمكان المناسبين”، وذلك حسب وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا».
وكان وزير الخارجية محمد جواد ظریف، أكد منتصف الشهر الماضي أن الهجوم على ناقلة النفط الإيرانية “سابيتي” قبالة ميناء جدة السعودي مؤخرا، وقفت خلفه جهة حكومية واحدة أو أكثر.
يذكر أن انفجارا وقع في ناقلة إيرانية «sabiti» قرب ميناء جدة السعودي في الـ11 من الشهر الماضي أسفر عن اندلاع حريق على متنها، بينما لم يستبعد الخبراء أن يكون الانفجار ناجما عن عمل إرهابي.
 
إيران: ملتزمون بالاتفاق 
الى ذلك اكد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي اكبر صالحي، ان جميع خطوات بلاده في خفض التزاماتها تأتي في اطار الاتفاق النووي وليس خارجه.
وأدلى صالحي بهذا التصريح اثر وصوله الى محافظة بوشهر حيث تشرف الوكالة الفدرالية الروسية للطاقة الذرية “روس آتوم” على انجاز مشروع بناء الوحدتين الثانية والثالثة في محطة “بوشهر” للطاقة النووية.
وقال صالحي ان الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق، والولايات المتحدة التي انسحبت منه، تشعر بقلق ازاء مضي ايران قدما في خفض التزاماتها بموجب الصفقة، لأن ذلك يظهر ان البلاد تعزز قدراتها التي كانت “كامنة حتى تتحول الى ملموسة”.  واضاف ان الأوروبيين والأميركيين في حالة ارتباك حاليا لأنهم ظنوا ان ايران لا تملك قدرات كهذه.
واردف قائلا: “اننا لم نكن البادئين في عدم الالتزام، بل هم الذين لم يلتزموا بتعهداتهم، وبطبيعة الحال لم تكن الجمهورية الإسلامية الإيرانية راضية عن تحول الاتفاق النووي الى طريق باتجاه واحد”.   وشدد صالحي على ان ايران لا تتجاوز احكام الاتفاق حينما تتخلى تدريجيا عن التزاماتها النووية، مشيرا الى ان  جميع خطواتها تتوافق مع البند 26 من الوثيقة الذي يتيح لها هذا الحق في حال عدم وفاء الطرف الآخر بالتزاماته.
 
موقف روسيا والصين 
وفي خضم تلك المعطيات.. وجه المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي في مؤتمر صحفي عقده امس.. الشكر الى الحكومتين الروسية والصينية على مواقفهما حيال الاتفاق النووي الذي وقعته ايران مع القوى الدولية العام 2015، وانسحبت منه الولايات المتحدة الأميركية بقرار من رئيسها ترامب، مؤكدا ان حكومتي روسيا والصين وفتا بتعهداتهما حيال الاتفاق بشكل جيد.  واضاف موسوي قائلا: “ايران لم تتخذ أي خطوة في اتجاه الانسحاب من الاتفاق النووي بل خطواتنا محسوبة جيدا».
وشهدت العلاقات الأميركية الإيرانية توترا وتصعيدا عسكريا، بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الذي وقع عام 2015 مع طهران، وفرض عقوبات عليها، وبعدها وقوع هجوم على اربع ناقلات نفط في بحر عمان، إضافة إلى اسقاط طائرة استطلاع أميركية حديثة بصاروخ ايراني فوق مضيق هرمز، واحتجاز حكومة مضيق جبل طارق التابعة لبريطانيا ناقلة نفط ايرانية قالت إن وجهتها سوريا التي يفرض عليها الاتحاد الأوروبي عقوبات، بينما ردت طهران باحتجاز ناقلة نفط 
بريطانية عند مضيق هرمز. وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، الاربعاء الماضي بدء تطبيق المرحلة الرابعة من تقليص الالتزام بموجب الاتفاق النووي، معربة عن آمالها ان تفي دول اوروبا بالتزاماتها الموقعة عليها ضمن الاتفاق.
 
فشل الضغط الاميركي 
وبعد اتخاذ ترامب قرارا بتشديد العقوبات الاقتصادية على ايران، معتبرا ان العقوبات ستوصل إلى نتائج افضل من ستراتيجية العمل العسكري ضد طهران. كشفت صحيفة “الاندبندنت” البريطانية في تقرير لها عن ان سياسة ترامب في الضغط لأقصى درجة على ايران فشلت حتى انه مر عام ونصف العام على بدء الرئيس الأميركي سياسة ممارسة الحد الأقصى من الضغوط على ايران بالانسحاب من الاتفاق النووي - الذي اعتبره اسوأ اتفاق وقعته أميركا - وبمراكمة العقوبات على كاهل طهران. واضافت الصحيفة قائلة: “ترامب أعلن في البداية ان سياسته ستؤدي في النهاية الى اضطرار ايران للعودة إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى والتفاوض حتى تحصل واشنطن على اتفاق افضل، وهو ما لم يحدث ولا يبدو انه سيحدث قريبا”.   واشارت الى ان “هذه السياسات ادت الى العكس تماما، فبدلا من ان تحد من تأثير ايران الإقليمي دفعتها الى تخطي جميع الحدود حتى في اطار الاتفاق النووي فأعلنت بدء المرحلة الرابعة من الانسحاب المتدرج من الاتفاق النووي”.   ولفتت الصحيفة الى انه “حتى على المستوى الدولي فإن المجتمع الدولي اكثر تعاطفا مع ايران لا الولايات المتحدة، فطهران ظلت متمسكة بالاتفاق لمدة عام كامل بعد انسحاب الولايات المتحدة 
قبل ان تخرق شروطه».