حروفيات هندسية مغايرة لمحمد الهلالي

ثقافة 2019/11/15
...

عبد الأمير خليل مراد 
 
من الواضح إن للخط العربي مدارس عدة ، منها ، المدرسة العراقية والمصرية والمغربية، ولكل واحدة من هذه المدارس أساليب واتجاهات فنية مختلفة ، فمنها خط النسخ و التعليق والديواني ، والديواني الجلي ، والطغراء ، وغيرها ، كما يعد الخط العربي فناً ذا رؤية بصرية، وتكوينات تشكيلية متنوعة ، حيث تطور هذا الفن منذ نشأة الكتابة على الكهوف والآثار ، ودور العبادة ، وأخذ مداه الواسع من خلال الزخارف الإسلامية ، وكتابة المصحف الشريف ، وتحديث صورته بلغة فنية جديدة في الكتابة على واجهات المساجد والأضرحة . 
ومن المؤكد إن تأثير الخط العربي متأت من استعمالاته في النقش على الحجر ، والتصميمات والأبنية المعمارية الحديثة كالكنائس والمساجد ، والكثير من مفردات العمارة الإسلامية ، حيث تختزل هذه الاستعمالات بساطة الحرف العربي ، وتدرجاته الأسلوبية ، وفضاءاته المعبرة عن أشكال الخط ، وتوظيفها في مختلف الأغراض الفنية
 والجمالية.
 
أشكال مغايرة
 وفي معرضه الفني الأخير ، استطاع الخطاط محمد ياس الهلالي أن يعكس موهبته في الخط من خلال رسم الحرف العربي على بعض اللوحات التشكيلية ، وتأثيثها كموجهات فنية لها أشكالها الهندسية المغايرة، بالإضافة إلى لوحات الخط القائمة على الحرف العربي وحده، حيث بدت هذه اللوحات غائرة في التنوع وابتكار الموتيفات الجديدة . باعتماد الخطاط على تنويعات المد والرجع والاستدارة والزاوية والتشابك والتداخل والتركيب الحروفي . 
كما لجأ الهلالي الى الخط القرآني بوصفه رسماً حروفياً قائماً بذاته ، و مختلفاً عن الكتابة اليومية التي يجري استعمالها في الخطوط اليومية الجاهزة ، وبدا هذا الخط بتشكلاته الاستثنائية ، ومساحاته الثابتة ، واعني به خط النسخ آسراً وجميلاً وأخاذاً في تقنين الحركات الإعرابية وتشكيلها على المفردة الواحدة ، بدءاً من بداياتها ، وحتى
 مخارجها النهائية . 
 
تكوينات فنيَّة
وبدت العديد من لوحاته الخطية ذات أفق رمزي ودلالي مركب ، يميل الى بسط  التكوينات الطبيعية ، كالهلال والقمر ، وأوراق الشجر ، والسيف الفقاري ، وأشكال الطيور ، والكرة الأرضية ، وحمامة السلام، وطير الحب ، وحرف القاف ، وهو يدخل تلك الآيات القرآنية في بنيتها الخطية، وجرى توظيف الآية القرآنية (وقل ربي أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق وأجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً) في بنية اللوحة الخطية وهي على شكل السفينة الرامزة إلى النجاة ،واستغراق فضاءاتها في اللون والتشكيل ، وكذلك استعماله لمقولة الإمام الحسين (عليه السلام) (هيهات منا الذلة) على صورة النسر المحلق،وهو يومئ إلى القوة والشموخ في احد الأشكال الخطية التي تشير إلى هذه المقولة الراسبة في تاريخنا الإنساني .