باسم عبدالحميد حمودي
لاتستقيم حياة الباحث الفولكلوري الا باستمرار الدهشة والاستغراق في السؤال الدائم عن أصل الأشياء وتفاصيلها.
هو بذلك يعيش رحلة متصلة مع الماضي المتعايش مع الحاضر,فاذا وقف الباحث الفولكلوري عند اصول الكلمة نجده يغوص عميقا في التفاصيل ومداخل الجذور الأساسية لكل كلمة.
خذ مثلا كلمة (جا) بالجيم البادئة بحرف ال(الاتش) الفارسي,أو المعطش ,تجد أن هذه الكلمة التي تتحرك في اللهجة العامية بمعان شتى منها الساخر ومنها المؤكد ومنها المتسائل,تمتد تاريخيا الى الأكدية القديمة وقيل للسومرية.
وخذ مثلا الكيتار الحديث,نجده يرتبط عمليا بالكنارة البابلية والنسخة البابلية المتطورة منها وهي القيثارة البابلية المعروفة,وقل ذلك عن الرق وأنواعه.
والباحث الفولكلوري لاتدهشه هذه التفاصيل بل تمتد باصرته في أصول وفروع اللحن والعمارة والأغنية وصيغ الترتيل الغنائي المتنوع وصور البناء الفني للحكاية الشعبية
ومضامينها المتنوعة.
ليس هذا فقط ما يتعلق باستكشافات الفولكلوري وأسئلته المتصلة ,بل يمتد عالمه الى الطقوس الدينية المعاصرة وامتداداتها التاريخية,والى البنية المعمارية للأزياء وتحولاتها من عصر الى عصر على وفق تطور الذوق والنمو الحضاري. وخارطة الفولكلوري المتصلة تمتد الى الأغذية وفائدتها العلمية وخبرات النسوة الأوائل بعطور النباتات وتأثيراتها الذوقية,فالعطر عالم خاص له بداياته وليست
له نهاية.
وحياة الفولكلوري التي اشرنا الى بعض تفاصيلها تتسع كثيرا الى ما يتعلق بكل تفاصيل حيوات الناس في رحيلهم واستمرارهم وقراهم ومدنهم وزراعتهم وتجارتهم وفكرهم الجمعي ومثلهم وقيمهم ,ومن كل ذلك ينبني علم الثقافة الشعبية المقارن بين الشعوب وتنبني علوم أخرى-وهي أنبنت- مثل الانثروبولوجيا وعلوم الأزياء والنميات –المسكوكات- والأعلام
والعطور ...الخ حياة الفولكلوري تمتد متصلة بكل هذه العلوم والمعارف وسواها ,تلك التي ترتبط بالحضارة والحياة العامة ,وهي حياة متصلة جميلة موحية
بدون شك.