الفساد الاقتصادي فجّر ربيع أميركا اللاتينية

بانوراما 2019/11/24
...

 
ترجمة: خالد قاسم توم فيليبس
 
من شيلي الى الإكوادور وبوليفيا وهايتي اصطدم المحتجون مع قوات الشرطة في الشوارع، لكن ما هي المواضيع المشتركة وهل ستؤدي الى تغيير؟  دبابات بشوارع شيلي، ومتاريس وحمام دم في بوليفيا وأسابيع من الاضطرابات التي دفعت هايتي الى حافة الهاوية والرئيس الاكوادوري الى تغيير موقع حكومته. يقول الممثل التشيلي أندريا لين الذي شارك بالمظاهرات: "هذه ثورة اجتماعية، ونحن من نقول: كفى."
 
وصف أميركا اللاتينية بالقارة المنسية، لكنها تصدرت عناوين الأنباء طيلة الأسابيع الماضية، بعد تعاقب انفجارات اجتماعية جذرية قذفت المنطقة داخل الوعي العالمي وتركت البعض يتساءل اذا كان هناك ربيع أميركي لاتيني قد بدأ. 
وأعلن عنوان رئيسي بصحيفة "إل يونيفرسال" المكسيكية مؤخرا أن أميركا اللاتينية والكاريبي "منطقة 
ساخنة".
في منطقة هائلة ومتفاوتة تضم 33 دولة هناك أكثر من 630 مليون نسمة وحكومات تتراوح بين اليسار الدكتاتوري الى أقصى اليمين، ولا يوجد تفسير واحد للهزة السياسية والاجتماعية المدوية حاليا، من كيتو الى كاراكاس.
لكن مراقبين لهم اطلاع قديم على المنطقة يرون بعض المواضيع المشتركة الرابطة بين تلك الاضطرابات، ويرى الخبير مايكل ريد ثلاثة محفزات رئيسية: الاستياء الاقتصادي للطبقة الوسطى الناشئة وغضب من الاحتيال السياسي ونفوذ حركات احتجاجية عالمية أخرى هزت مدنا مثل باريس وبرشلونة وهونغ كونغ.
جلبت ست سنوات من الركود الاقتصادي نهاية مفاجئة لفترة نمو استمرت 12 سنة حفزتها المواد الخام وتفاؤل حصل خلاله تراجع مستويات الفقر وعدم المساواة بمختلف مناطق أميركا 
اللاتينية.
ظاهرة عالمية
الحافز الثاني كان الغضب الشعبي ضد الآلة السياسية داخل القارة بعد موجة من فضائح الفساد التي أفقدت مصداقية النخب السياسية التقليدية، وأشعلت احتجاجات غاضبة في دول مثل بيرو وهايتي، وحفزت جيلا جديدا من الشعبويين للوصول الى السلطة في البرازيل والمكسيك.
أخيرا يعتقد ريد بوجود "عنصر تقليد" اذ استمدت المظاهرات العنيفة في الاكوادور وشيلي حافزها من صور مواقع التواصل الاجتماعي لمظاهرات الستر الصفراء الفرنسية و "المتصدون" بهونغ كونغ.
تقول الصحافية المكسيكية ألما غيليرموبريتو أنها رأت الاضطرابات تمردا لمواطنين عملوا أكثر من طاقتهم وتقاضوا أقل من حقوقهم ضد ما عدّوها زيادات طفيفة نسبيا بتكاليف النقل من وجهة نظر الطبقة الوسطى.
يبدو أن هذه حالة الاكوادور حيث غصت الشوارع بالمحتجين بعد الغاء الرئيس لينين مورينو اعانات الوقود كجزء من اتفاق مع صندوق النقد الدولي. أما في شيلي فكان السبب زيادة قدرها 3 بالمئة بأجرة المترو مما أشعل ما أصبح ثورة أوسع بكثير ضد عدم المساواة. تردد صدى هذه المشاعر في هايتي حيث تركت أشهر من المظاهرات أكثر من 20 قتيل وشلت معظم مناطق البلاد. ويقول ريد أنه يتذكر لحظتين فقط طيلة 40 سنة من تغطيته لأميركا اللاتينية عندما كانت المنطقة بحالة مماثلة من الثوران: خلال فترة "التقشف الوحشي" في الثمانينيات ومن ثم السنوات التي سبقت انهيار اقتصاد الأرجنتين عام 2001.
لكن ريد ليس متشائما تماما من الأحداث الحالية للهيجان: " اعتقد ان هذا مجرد تنفيس، وسوف نرى ما يحدث على الجانب الآخر." وتقول ألما انها شعرت بالذعر عندما شاهدت تدفق المحتجين المكتسح للمنطقة التي تغطيها تاريخيا منذ سبعينيات القرن 
الماضي.