مؤثرات الشاشة الرقميَّة في أدمغة الأطفال الصغار

من القضاء 2019/11/26
...

ترجمة/ نادية المختار
توثق دراسة جديدة الاختلافات الهيكليَّة في أدمغة الأطفال في سن ما قبل المدرسة المتعلقة باستخدام الوسائط القائمة على الشاشة الرقميَّة. فالأطفال الذين لديهم وقت أكثر للتعاطي مع الشاشة الرقمية يتمتعون بسلامة هيكلية أقل لمسارات المادة البيضاء في أجزاء من الدماغ تدعم اللغة ومهارات تخطي الأمية الناشئة الأخرى. وتشمل هذه المهارات الصور والوظيفة التنفيذية- العملية التي تنطوي على التحكم العقلي والتنظيم الذاتي. فهؤلاء الأطفال لديهم أيضا درجات أقل في مقاييس اللغة والأمية. 
فهم وقيود 
هذه الدراسة تثير تساؤلات بشأن ما اذا كانت بعض جوانب استخدام الوسائط المرتكزة على الشاشة في مرحلة الطفولة المبكرة على الأقل، قد توفر تحفيزا دون المستوى الأمثل خلال هذه الحالة السريعة التكويشنية لنمو المخ.
يقول الدكتور جون هوتون، مؤلف الدراسة ومدير قسم القراءة ومركز اكتشاف معرفة القراءة والكتابة في مشفى سيناتي الاميركية للأطفال: “بينما لا يمكننا بعد تحديد ما اذا كان وقت الشاشة يسبب هذه التغييرات الهيكلية أو ينطوي على مخاطر النمو العصبي على المدى الطويل، فان هذه النتائج تتطلب اجراء مزيد من الدراسة لفهم ما تعنيه وكيفية وضع قيود مناسبة على استخدام التكنولوجيا.”
فبالنسبة للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 شهرا، ينبغي تجنب استخدامهم وسائط الشاشة بخلاف الدردشة المرئية.
اذ يتوجب على الآباء الذين لديهم أطفال تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 شهرا والذين يرغبون في تقديم وسائط رقمية اختيار برامج عالية الجودة ومشاهدتها مع أطفالهم لمساعدتهم على فهم ما يرونه. 
أما بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و 5 سنوات، فقد حدد استخدام الشاشة طبقا لأعمارهم بنحو ساعة واحدة يوميا للبرامج عالية الجودة.
كما يجب على الآباء مشاركة الوسائط مع الأطفال لمساعدتهم على فهم ما يرونه وتطبيقه على العالم من حولهم. 
كما حدد مركز دراسات طب الأطفال، ضرورة تخصيص أوقات خالية من كل الوسائط الرقمية، مثل وقت العشاء أو القيادة، وكذلك ضرورة توفير مواقع خالية من الوسائط الرقمية في المنزل، مثل غرف النوم. 
شملت الدراسة 100 طفل يتمتعون بصحة جيدة لذكور وأناث تتراوح أعمارهم بين 3 و 5 سنوات وأولياء أمورهم.
أكمل الأطفال الاختبارات المعرفية القياسية متبوعة بتدوير الرنين المغناطيس الذي يوفر تقديرات سلامة المادة البيضاء في المخ. 
وقد أجرى الباحثون للآباء أداة تعكس توصيات الوسائط المستندة الى شاشة فحص ذكية مكونة من 15 عنصرا، والشاسة مهيأة احصائيا بنتائج الاختبارات المعرفية ومقياس التصوير بالرنين المغناطيسي عبر درجات تتحكم بالعمر والجنس ودخل الأسرة.  
ومن بين النتائج الرئيسة فأن الدرجات العليا تتحكم بمعدل كبير مع انخفاض اللغة التعبيرية، والقدرة على تسمية الأشياء بسرعة.
كما ارتبطت درجات الشاشة بسرعة المعالجة ومهارات القراءة والكتابة الناشئة. 
ومثلما ارتبطت درجات الشاشة بسلامة المادة البيضاء المنخفضة في المخ والتي تؤثر في التنظيم والانتقاء، فأن الدرجات العليا للشاشة العصبية ارتبطت بعملية تشكيل غمد المايلين حول العصب للسماح للنبضات العصبية بالتحرك بسرعة أكبر في المسالك التي تتضمن وظيفة تنفيذية لمهارات اللغة، ومحو كل مسميات الأمية الأخرى. 
يقول هوتون: “استخدام الوسائط الرقمية المستندة الى شاشة الديجتال، منتشر ومتزايد في البيئات المنزلية ومراكز رعاية الأطفال والمدرسة في الأعمار الأصغر سنا.
فهذه النتائج تسلط الضوء في الحاجة الى فهم تأثيرات وقت التعاطي مع الشاشة على الدماغ، وخاصة خلال مراحل نمو المخ الديناميكي في مرحلة الطفولة المبكرة، بحيث يمكن لمقدمي الخدمات وواضعي السياسات والآباء وضع حدود صحية آمنة من أجل الحفاظ على أدمغة الأطفال على الدوام.” 
 
الوسائط الترفيهية القائمة على الشاشة 
يرتبط وقت الشاشة الرقمية سواء من أجهزة الكومبيوتر العادية واللوحية، أو الهواتف الذكية وألعاب الفيديو والتلفزيون وغيرها من الأجهزة المستندة الى الشاشة، بزيادة السلوك المستقرعند الأطفال والمراهقين.
فالسلوكيات المستقرة تسهم في زيادة الوزن والسمنة.
وتشمل السلوكيات المستقرة: الجلوس أو الاستلقاء اثناء الاستيقاظ - الأنشطة التي تمارس القليل من الطاقة البدنية وتساهم في زيادة الوزن والسمنة لدى الأطفال والمراهقين. 
فعلى مدار العشرين عاما الماضية، انخفضت مشاهدات التلفاز من قبل الأطفال والمراهقين، لكن الاستخدام الترفيهي للأجهزة الأخرى التي تعتمد على الشاشة مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكومبيوتر اللوحي وغيرها أدى الى زيادة وقت الشاشة بشكل عام. 
تقول البروفيسورة جانيت بايرن، الباحثة العلمية في مؤسسة مونتريال، بكندا: “على الرغم من أن الآليات التي تربط وقت الشاشة بالسمنة ليست واضحة تماما، الا أن هناك مخاوف حقيقية من أن تؤثر الشاشات في سلوكيات الأكل.
ربما لأن الأطفال لا يلاحظون متى يكونون ممتلئين عند تناول الطعام أمام الشاشة.
وهذا أيضا دليل على أن امضاء الوقت أمام الشاشات يعمل على تعطل نوعية النوم والذي يمكن أن يزيد أيضا من خطر السمنة.
فنحن نريد تعزيز توصية جمعية القلب الأميركية للأطفال والشباب بعدم الحصول على أكثر من ساعة الى ساعتين من وقت الفراغ الترويحي يوميا، نظرا لأن معظم الشباب يتجاوزون بالفعل هذه الحدود.
فمن المهم بشكل خاص أن يكون الآباء على يقظة بشأن وقت الشاشة لأطفالهم، بما في ذلك الهواتف”. 
 
عن ساينس ديلي