بغداد / فاطمة رحمة
شغلت الدراما التلفزيونية العراقية، مشاهدي الستينيات، نزولا في الزمن الى نهاية الثمانينيات.. محليا وإقليميا، ثم تردت متدنية حد التلاشي، مطلع التسعينيات.
وقال الفنان جلال كامل: "الزمن يمضي، والعالم.. من حولنا.. يتقدم.. ونحن نتراجع، بسبب عدم توفر عناصر النهوض بالدراما، إنما قدرنا العراقي، يحيطها بثلمات تحط من روح التشويق وزخم التدفق والحيوية" مؤكدا: "التطور التقني في علم الصورة وفن التواصل الاجتماعي وثورة الاتصالات، نحن معزولون عنه.. كما أننا لا نمتلك شركات ترتبط بشبكة علاقات تسويقية مع المنافذ الاستهلاكية، الامر الذي يؤدي بالنتيجة الى تصدؤ موهبة الممثل وتكلس رؤى المخرج وتعطل ملكات السيناريست، مثل رياضي لا يجد ساحة للتمرين".
وأضاف التدريسي في كلية الاعلام بجامعة بغداد د. عادل الميالي: "كثير من المسلسلات العراقية تلكأت بسبب ضعف أداء الممثل، جراء شح الإنفاق الانتاجي، الذي يجيء بممثلي الدرجة العاشرة، كي يؤدوا أدوارا بحاجة لـ "سوبر ستار" ما يجر عليهم إخفاقا؛ لكون المهمة أكبر منهم، وبالتالي يرتكسون بالعمل؛ ولا يعد المسوقون يتعاملون مع النتاج العراقي، عقب اول إشكال من هذا القبيل" متابعا: "السبب الرئيس في تراجع الدراما العراقية هو ان الممثل؛ يمثل بافتعال، من دون عفوية ولامشاعر.. يؤدي بتكلف منفر، وبالتالي لا تصل الرسالة الى المتلقي".
مشيرا الى ان: "الممثل العراقي وهو.. كما قلت.. سبب هشاشة وتردي الدراما العراقية، وسوء اختيار المخرجين لممثلي اعمالهم، من منطلق المحسوبية والانحياز والصداقة والاستسهال، مشكلة يتعذر حلها".
لفت د. الميالي: "اللوم ليس على الممثل فقط، وإن كان سببا رئيسا، لكن الانتاج الدرامي منظومة متكاملة، لكن الممثل عنصر رئيس فيها، لا يمكن للعناصر الاخرى ان تغطي على إخفاقه" موضحا: "فكرة الكتابة عن حقبة قديمة، فيها شيء من مشقة؛ لانها تحتاج الى كاتب نصٍ.. سيناريست يعيش تفاصيل تلك المرحلة، كاتبا بحذر لانه يتعاطى مع فترة، واي خلل في الزمن او الديكور، تنفصل رسالة الدراما عن المتلقي، وبالتالي عملية الانسجام مطلوبة.. على المعنيين بالدراما التعامل معها بدقة وحساسية". واعطى د. عادل الميالي، مثلا: "مسلسل النسر وعيون المدينة" هذه الحقبة، ربما تناولها الكاتب وابرز لنا بعض الشخوص منها، مثل الفنان قاسم الملاك.. كان شخصية محورية ولو دوره ثانوي، لكنه تصدر المشهد والفنان جعفر السعدي.. له جملة يرددها وما زال الناس يرددونها الى يومنا هذا.. معناها ان هذا العمل وصل واستطاع ان يأسر قلب المتلقي، بأداء الممثلين أولا وبالتضافر مع العناصر الاخرى، ولو اخفق الممثلون؛ لما نفعت حبكة السيناريو مهما كتبت بقوة، ولا الرؤية الاخراجية، مهما أحكمت".
قبل أن نتوجه بالسؤال، استفهم الفنان أ. د. ميمون الخالدي: "قبل مطالبة الجهات الاهلية بتشكيل ائتلافات إنتاجية وتسويقية، يجب أن نتأمل دور الجهات الرسمية في تفريج الاحتقان.. الدراما العراقية، تتكيس داخل شرنقة تكاد تطويها؛ فلنسع لفك حصار الانتاج والتسويق عن الممثل، ومن ثم نطالبه بإبداع خارق".