خبراء: الاتفاق النووي مع طهران يقترب من نهايته

قضايا عربية ودولية 2019/12/01
...


طهران / وكالات
 
في وقتٍ حثّت فيه فرنسا وبريطانيا وألمانيا الحكومة الإيرانية على العودة إلى التطبيق الكامل لالتزاماتها في إطار الاتفاق النووي، متعهدة بالنظر في اللجوء إلى جميع الآليات المتاحة للحفاظ على الاتفاق، كشف خبراء ايرانيون عن ان الاتفاق النووي شارف على الموت، وذلك في ظل غياب الفائدة من النظام المالي (اينستكس) الذي اعتمدته اوروبا في التعامل مع طهران، للتخفيف من حدة العقوبات الاميركية ضد المصالح الايرانية 
 

تهديد وترغيب 
وقال الكاتب الصحفي الإيراني محمد غروي: إن نظام “اينستكس” الاقتصادي لم تر منه إيران أي ميزات حتى الآن، وإذا انضمت إليه دول جديدة، من دون حدوث تبادل تجاري واحد بين هذه الدول وإيران، فليس منه فائدة” على حد تعبيره.  وذكر غروي أن الآلية الاقتصادية الأوروبية “إينستكس” هدفها تمرير الوقت، ليتعود الإيرانيون على العقوبات الأميركية، ومن ثم يقبلون 
باتفاق نووي جديد.
وأضاف، في حديث لوكالة سبوتنك الروسية أن “الدول الأوروبية مثل الولايات المتحدة، تمارس معا الضغط على إيران من أجل اتفاق نووي جديد، وبعد خروج واشنطن من الاتفاق النووي خرجت معها الدول الأوروبية الثلاث بريطانيا وفرنسا وألمانيا بشكل فعلي، لكنها استمرت ظاهريا، ما جعل إيران تستكمل خطواتها التحذيرية بتخفيف التزاماتها في خطة العمل الشاملة المشتركة”. 
وفي سياق متصل، اعتبر ناصر زهير، الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، أن “انضمام ست دول أوروبية جديدة لآلية إينستكس  يشكل نوعا من المغريات للجانب الإيراني، بأن هذه الآلية ما زالت فاعلة، في حال وافقت إيران على الذهاب إلى مفاوضات جديدة، 
وقدمت تنازلات إيجابية”.  وأشار إلى أن المعطيات جميعها تشير إلى اقتراب الاتفاق النووي من نهايته، رغم المحاولات الأوروبية. وتابع أنه “ بعد التصريحات الرسمية في باريس، بأن المبادرة الفرنسية لم يعد لها جدوى في الوقت الحالي، وتهديد فرنسا بتحويل الملف النووي إلى الأمم المتحدة، لجنة فض النزاعات، أي إمكانية إعادة فرض العقوبات، يعكس نهج التهديد والترغيب الذي تتبعه الدول الأوروبية 
مع إيران”.
أوروبا.. نحو التهدئة 
من جانبه، قال الدكتور نبيل العتوم، الخبير في الشؤون الإيرانية: إن “انضمام ست دول أوروبية جديدة إلى آلية إينستكس الاقتصادية يعكس رغبة الاتحاد الأوروبي في التهدئة مع إيران، وتحقيق انفراجة في أزمة الاتفاق النووي”، لافتا إلى وجود مجموعة من المعوقات أمام تفعيل إينستكس، منها أن إيران لا تعول على هذه الآلية، لعدم تطبيقها على أرض الواقع”.  وتابع أن “عقلية صانع القرار الإيراني ترى أن هذه الآلية الاقتصادية وضعت للتسويف، وأن هناك مشروعا متطابقا بين الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي، في مبدأ فرض العقوبات على إيران، وأن الدبلوماسية الأوروبية هدفها كسب الوقت، لذلك استمر الجانب الإيراني في ممارسة حافة الهوية”. 
وأطلقت فرنسا وبريطانيا وألمانيا في  شباط من العام الحالي آلية خاصة للدفع سُمّيت “اينستكس”، بهدف إنقاذ الاتفاق النووي الذي وقعته طهران والقوى 
العالمية، في عام 2015.  
وتسمح الآلية المالية لطهران بالقيام بعمليات تجارية مع شركات الاتحاد الأوروبي، على الرغم من العقوبات الأميركية التي أعادت واشنطن فرضها العام الماضي، بعد انسحابها من الاتفاق. وقال السفير الإيراني في العاصمة الروسية موسكو إن بلاده تعتبر المقترح الأوروبي حول الآلية المالية لتجنب العقوبات الأميركية خطوة صحيحة نحو الحوار والاستقرار.   كما رحبت إيران بحذر بآلية “اينستكس”، كخطوة “أولى”، لكن مسؤولين أميركيين قالوا إن الكيان المستحدث لن يكون له أي أثر في الجهود المبذولة للضغط 
اقتصاديا على إيران. 
 
موقف أوروبي
في المقابل قالت الدول الأوروبية الثلاث، في بيان مشترك: “يمثل التطبيق الكامل والفعال لخطة العمل الشاملة المشتركة (الخاصة بالاتفاق بشأن برنامج إيران النووي) أهمية أولية، وعلى إيران العودة إلى التنفيذ الكامل لالتزاماتها 
في إطار الاتفاق”. وأضافت فرنسا وبريطانيا وألمانيا: “نجدد تأكيد استعدادنا للنظر في جميع الآليات ضمن خطة العمل الشاملة المشتركة، بما في ذلك آلية حل الخلافات، لتسوية القضايا المتعلقة بتنفيذ إيران التزاماتها في إطار الخطة، ولا نزال متمسكين بشكل كامل بمواصلة جهودنا الرامية إلى إيجاد حل دبلوماسي في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة”. وفي غضون ذلك، رحبت الدول الـثلاث “بحرارة بقرار حكومات كل من بلجيكا والدنمارك وفنلندا وهولندا والنرويج والسويد الانضمام إلى آليات INSTEX (للتعاملات المالية التجارية مع إيران) كمساهمين”. واعتبرت أن “هذه الخطوة تعزز INSTEX وتظهر الجهود الأوروبية الرامية إلى تسهيل التجارة القانونية بين أوروبا وإيران، كما تمثل تعبيرا واضحا لتمسكنا المتواصل بخطة 
العمل الشاملة المشتركة”.
 
استئناف التخصيب 
من جانبها أعلنت المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية أن عمليات تخصيب اليورانيوم في منشأة “فوردو” ستتواصل على الرغم من إعادة فرض الولايات المتحدة عقوبات عليها.    وذكّر رئيس المنظمة، علي أكبر صالحي، في تصريح صحفي امس ردا على إعلان وزير الخاريجة الأميركي، مايك بومبيو، إلغاء واشنطن جميع الاستثناءات في عقوباتها بحق منشأة فوردو اعتبارا من 15 من الشهر الجاري، بأن طهران سبق أن قلصت عدد أجهزة الطرد المركزي في المنشأة من ألفين حتى 1044 جهازا بعد المفاوضات النووية. وتابع صالحي أن الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي طلبت من إيران عدم استخدام المنشأة إطلاقا، وأعلنت طهران ردا على ذلك أنها “لا تستغني” عن فوردو، مع الاحتفاظ 
بتلك الأجهزة فيها.  وقال المسؤول الإيراني إن عمليات تخصيب اليورانيوم في المنشأة استؤنفت بسبب “عدم التزام الأوروبيين بتعهداتهم وستتواصل ما لم يطبقوها”، لافتا إلى أن “إيران تخصب الآن يوميا 550 غراما من المادة النووية، مقارنة مع ستة كيلوغرامات يوميا قبل توقيع الاتفاق النووي”.