يعرف تكافؤ الفرص بأنّه اشتراط ينصّ على أنّ جميع الناس يجب ان يعاملوا بالمثل من دون أي تقييد بحواجز مصطنعة او التمييز او التفضيلات بصورة خاصة، ذلك لأنّ الاحساس بعدم المساواة يؤثر سلباً في المجتمع.
هناك من يعتقد أنّ مجلس الخدمة (المستقل) سيسهم في تحقيق مبدأي العدالة وتكافؤ الفرص من خلال اختياره للقيادات الكفوءة والنزيهة، اذ يعتمد على مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب، وهذا هو المنطق الاداري الرائد بامتياز، إذ يجعل المطلوب من الادارة ان ينفذ بموجب قوانين وانظمة وتعليمات وقرارات تنفيذية موحدة.
البنية الفوقيّة ليست مجرد مرآة تعكس البنية التحتية وتحركها بمرونة وسلاسة إلّا بعد تكامل التناغم بايقاع منتظم، وبدون الأخذ بنظر الاعتبار ما تقدم، من حيث المبادئ وآليات العمل، سوف يصبح الجهاز التنفيذي مجرد متلقٍ، وهنا الخطورة اذ تصبح السلاسة مغيّبة، ولهذا يمكن القول إنّ نجاح الادارة تبدأ من خلال تناغم علاقة السلطات الثلاث دستوريا في مابينها.
ولكي نمهّد الأرضيّة لإنجاح عمل مجلس الخدمة، من دون إلغاء الاستثناءات، لا يسعنا أن نجد مكانا لمجلس خدمة ينشر تكافؤ الفرص والعدالة وخلفه ما يخالفها إذ أنّ الاستثناء مهما كان صغيرا فإنّ من طبيعته ان يتمأسس ليجد له مكانا بالقوة او العادة.
ورغم أن المادة 16 من الدستور تنص على أن (تكافؤ الفرص مكفول لجميع العراقيين، وتكفل الدولة الاجراءات اللازمة لتحقيق ذلك)، فمن الناحية العملية لم تفعّل هذه المادة بقانون نافذ، وهكذا الحال لجميع المواد الدستورية التي لم تصدر بها قوانين رغم أن الدستور صودق عليه في العام 2005.
لا شكّ أنّ الاستثناءات التي تحلق خارج الدستور اداريا وقانونيا، ينبغي ان تعالج، فمجلس الخدمة قد يكون محميا دستوريا ولكنّه تأخّر في ممارسة دوره، ولا يفوتنا أن هناك قوانين نافذة مفصلة وفق حالات النظام السابق ما يتوجب فلترتها او إلغاؤها لأنّها صدرت في غياب مجلس خدمة.
كما ان (قوانين سلطة الاحتلال) ايضا لم تصدر من تحت خيمة مجلس خدمة، وبما ان رئيس واعضاء مجلس الخدمة جهة عراقية فيفترض عليهم المباشرة أولاً بشطب الاستثناءات المتولدة من المحاصصة، اذ لا شك ان الامر قد لايتم بسلاسة ولا عبر مراحل خالية من سقوف قانونية او زمنية ما يجعله تحديا كبيرا ومصيريا أمام عمل مجلس الخدمة.