يتزايد انعدام المساواة في الاجور حين تكون زيادة أعلى الدخول أسرع من ادنى الدخول. هذا النمو البطيء لأدنى الأجور، هو المشكلة الرئيسة التي تواجه أوروبا منذ الأزمة المالية. هذه الفروق أصبحت أكثر وضوحاً بين دول الاتحاد.
تتفاقم اللامساواة في الدخول بين دول الاتحاد الأوروبي، واصبحت الفجوة كبيرة بين الأغنياء والفقراء في أوروبا ولكن معدل التفاوت في الدخل بالاتحاد الأوروبي، يختلف من دولة الى اخرى حسب مكتب الإحصاء الأوروبي.
في أوروبا، ارتفع متوسط دخل 10 % من السكان بمعدل مرتين من متوسط دخل 50 ٪ عن الأسر ذوات الدخل المنخفض، وتعكس هذه المؤشرات ما تواجهه السياسات الأوروبية من صعوبات في تقليص الفروق بين سكان الدول
الأعضاء.
ومن بين الدول الأكثر مساواة، الدنمارك التي تقدم سياسات ضريبية اكثر تقدمية في العالم، حسب تقرير منظمة أوكسفام ومجموعة التنمية المالية الدولية نشر في أواخر عام 2018. وتضع المنظمتان غير الحكوميتين الدنمارك في طليعة تصنيفها الدولي للدول الملتزمة ضد اللامساواة.
الخدمات العامة
اما في بلجيكا تتفاقم أوجه عدم المساواة في الدخل، وفقا لآخر تقرير صادر عن الخدمات العامة الفيدرالية الذي نشرته صحيفتا (ايكو) و(دي تيد) البلجيكيتين حيث ظهر ان خطر الفقر يؤثر الآن في واحد من كل ستة بلجيكيين. حيث زاد عدد الفقراء في بلجيكا بمقدار 56 الف شخص خلال السنوات العشر الماضية ، بينما كان الهدف هو تخفيضه بمقدار 380 الف، أما بالنسبة لخطر الفقر على أساس الدخل ، فقد وصل إلى أعلى مستوى له منذ عام 2004، وفي الوقت نفسه ، فإن فعالية الحماية الاجتماعية آخذة في التناقص لا سيما بالنسبة لأولئك الذين يعملون ولديهم اطفال.
حلم مؤجل
سلط صندوق النقد الدولي عام 2018 الضوء على تأثير البطالة والعواقب طويلة الأجل التي تترتب في عدم كفاية الحماية الاجتماعية للشباب في الاتحاد الاوروبي . واستكشفت الدراسة بعض الأفكار التي يمكن أن تساعد على معالجة المشكلة والحد من عدم المساواة والفقر للجيل المقبل، والتي اصبحت حلما مؤجلا.
مبينة أن أوروبا ليست المنطقة الوحيدة التي يواجه فيها الشباب تحديات معاكسة. غير أن توافر البيانات المجمعة عن المجموعات العمرية المختلفة طوال العقد الماضي يتيح لنا إلقاء نظرة أعمق على الأوضاع في أوروبا.
ولعل عدم المساواة في الدخل في أوروبا كما تقول الدراسة يبدو للوهلة الأولى أقل خطورة منه في مناطق أخرى. فلا يزال متوسط عدم المساواة في توزيع الدخل مستقرا إلى حد كبير في أوروبا منذ عام 2007. ويرجع الفضل الأكبر في ذلك إلى قوة شبكات الأمان الاجتماعي وإعادة توزيع الثروة، وهي إنجازات مهمة ساعدت ملايين من المواطنين وعززت مركز أوروبا مقارنة بكثير من الاقتصادات المتقدمة الأخرى.
ولكن وراء هذه الأرقام البراقة، هناك اتجاه عام مثير للقلق، وهو ما تشهده أوروبا من اتساع كبير في الفجوة بين الأجيال. فالسكان في سن العمل، وخاصة الشباب، بدأوا يتأخرون عن الركب.
سوق العمل
تراجعت دخول الشباب بعد أزمة 2007 بسبب البطالة، ثم تعافت بعدها ولكنها لم ترتفع. وإذا نظرنا إلى سوق العمل، يمكن أن نرى أين نشأت الأزمة. فقد بدأت بطالة الشباب مرتفعة وسجلت ارتفاعا حادا إلى 24% في عام 2013. واليوم، لا يزال شاب واحد تقريبا من كل خمسة شباب يبحث عن فرصة عمل.
وتوضح الدراسة التي أعدها خبراء الصندوق أن البطالة يمكن أن تترك علامات فارقة فبعد فترات البطالة الطويلة ومع الخبرة المحدودة، تتراجع احتمالات عثور الشباب على فرص عمل. وإذا حصلوا عليها، فمن المرجح أن تكون أجورهم منخفضة. وقد يصبح من الصعب على أي فرد، إن لم يكن مستحيلا، تعويض الأجور التي لم يحققها والأموال التي لم يدخرها في فترة لاحقة من حياته الوظيفية.
وليست البطالة وحدها هي التي أوصلتنا إلى هذه النقطة. فقد أصبحت البطالة الجزئية أوسع انتشارا عقب الأزمة.
خطر الفقر
مع ظهور ما يسمى باقتصاد العربة وزيادة العقود المؤقتة، تفاقمت المشكلة وزاد عدم الاستقرار الوظيفي، وخاصة بين الشباب. ومن المؤسف أن تغطية شبكات الأمان الاجتماعي للشباب لم تعد تتيح لهم تغطية كافية إذا ما فقدوا وظائفهم أو عثروا على عمل بدوام جزئي فقط.
ينشأ خطر الفقر عندما يكسب الشخص أقل من 60٪ من متوسط الدخل في بلجيكا، بالنسبة لشخص واحد كانت هذه العتبة في العام الماضي 1187 يورو شهريا.و للعائلة التي لديها طفلان كانت 2،493 يورو شهريا.
سابقا ، كان خطر الفقر أساسا للمتقاعدين،لكن من الآن فصاعدا ، فإنه يؤثر بشكل أساسي على الأسر الشابة التي تكافح أحيانا حتى تعمل لتغطية نفقاتها.
وبحسب صحيفة إيكو الاقتصادية لقد استفادت الطبقات الوسطى من الانتعاش الاقتصادي بشكل أساسي عندما ركزت الحكومة على تحسين القوة الشرائية وبالتالي كان لدى الطبقة الوسطى معدل توظيف أعلى من الأسر ذات الدخل المنخفض التي غالبا ما تقتصر على العمل بدوام جزئي.
ضريبة الوقود
وفي الواقع، فإن اندلاع احتجاجات السترات الصفراء وانتقالها الى عدد من الدول في أوروبا لم يكن بدافع ضريبة الوقود بقدر ما كانت حول عدم اكتراث الحكومات بمحنة الطبقة الوسطى .
ومع تزايد استقطاب الوظائف والدخل في جميع الاقتصادات المتقدمة خلال العقود الأخيرة، فإن انتقال الاضطرابات من فرنسا الى دول اوربية اخرى كهولندا كان يجب أن تكون بمثابة دعوة لاستيقاظ الآخرين.
وفي وقت لاحق، بدأت قطاعات التصنيع كثيفة العمالة بالاقتصادات المتقدمة تواجه ضغوطا متزايدة وأدى ذلك إلى كشف عدم الأمان الاقتصادي بعيد المدى في حين أن الثقة في قادة المؤسسات والمنشآت تم تقويضها.
واخيرا كشف تقرير بلجيكي ان اقليم الجنوب (والونيا) تواجه خطر الفقر اكثر بـ (21.8 ٪) من اقليم الشمال (فلاندرز) (10.4 ٪) رغم انهم في دولة اتحاديَّة واحدة.