الماركة العراقيَّة!

اقتصادية 2019/12/07
...

ياسر المتولي
 
عشرات الدعوات كنت قد أطلقتها على مدى الـ 16 عاماً لإحياء المنتوج الوطني لجدواها الاقتصاديَّة المختلفة لم تلق آذاناً صاغية، إلا تلك الدعوات التي انطلقت عن أفواه شباب الحراك، فقد أصابت الهدف من خلال دعواتهم لمقاطعة البضائع المستوردة أياً كانت ماركتها، ما دفع باتجاه إعادة ثقافة المنتج الوطني (الماركة العراقيَّة).
وللتذكير فقط أشير الى أنَّ أكثر شعوب العالم تتغنى بمنتوجها الوطني وتفتخر به وتدعمه لا بل تفضله، رغم ما أحدثته العولمة من تأثيراتها في أذواق المستهلكين.
وسباق الدول العظمى في هذا المجال على نحوٍ مذهلٍ من الابتكارات المتسارعة من خلال تطويع التكنولوجيا نحو مناغاة تلك الأذواق، فالصين واليابان وأميركا وغيرها من دول العالم شواهد شاخصة على ما نتحدث.
أقول رغم ذلك فقد بقيت الشعوب تتمسك وتعتز بمنتوجاتها، إذ تعدها موروثاً مهماً وتفتخر به، ولك أنْ تتصور حجم المبالغ التي تنفقها على بعض الانتيكات والتي تُخصصُ لها مزادات عالميَّة وأسواق متخصصة، أشير لذلك فقط للاستشهاد بحجم التمسك بالموروث والإنتاج الوطني لكل دولة.
أين نحن من هذا العالم؟
نعم لقد تأخرنا كثيراً وابتعدنا عن هذه الثقافة والقيم، ولكنَّ المستقبل يبشر بأنَّ المقبل من الأيام سيشهد عودة قويَّة لاحتضان (الماركة العراقيَّة) كما كانت في سابق العهود، وهذه نتيجة منطقيَّة لا تقبل الشك لكونها نتاجاً لصدى الحراك الشبابي بدعواته لمقاطعة المستورد، وهذا هاجسنا في متابعة نتائجه وآثاره القادمة في واقع ومستقبل الإنتاج الوطني.
وعدا ذلك فإنه لا بدَّ من الإشارة الى المزايا الأخرى لإحياء (الماركة العراقيَّة) فإنها ستفعل تنفيذ جميع المشاريع، سواء كانت صغيرة أو متوسطة أو كبيرة، ونتيجة لذلك ستسهم فعلياً في خلق فرص عملٍ كبيرة تساعدُ على استيعاب النسبة العظمى من البطالة.
وإنَّ ميزتها الأخرى في تنويع موارد الموازنة، فضلاً عن تسريع دوران رأس المال والمحافظة على العملات الصعبة، وبذلك تغنينا عن الإيراد الأحادي (النفطي) وتوجيهه نحو تنفيذ المشاريع الستراتيجيَّة والبنى التحتيَّة والخدمات، وكذلك توسيع القاعدة الإنتاجيَّة لمختلف القطاعات الصناعيَّة والزراعيَّة.
هذه الجزئيَّة التي أتناولها هنا في هذا المقال وأقصد جزئيَّة (الماركة العراقيَّة) كنا نتصورها في بداية الأمر صغيرة في كلماتها لكنها بانت عميقة في معانيها ومضمونها من خلال مخرجاتها الاقتصاديَّة.
نعم أطلقت عليها بالجزئيَّة لكونها صورة أخرى ولوناً آخر من اللوحة التي رسمتها أنامل الشباب في موناليزا التحرير التي عكست الإصرار على بناء المستقبل بالشكل الصحيح والسليم وعلى أنقاض وأطلال التراجع والتخلف الذي حدا بالعراق للأسف، ولكنْ لا تأسفن على ماضٍ تولى، فالمستقبل آتٍ وبانت بشائره.