الإصلاح من خلال الصناعة في العراق

اقتصادية 2019/12/08
...

د. زينة أكرم عبد اللطيف* 
 

إنَّ أي خطة لتنمية القطاع الصناعي يجب أنْ تستند الى ستراتيجيَّة وهذه الستراتيجيَّة اتجاهاتها تنبعُ من النظام السياسي والاقتصادي للبلد، عموماً الستراتيجيَّة تعتمد على بعدين، الأول: تحديد المدى الزمني المرتبط بتحقيق أهدافها، والبعد الثاني: هو الاختيار بين البدائل المتاحة للوسائل والإجراءات التنفيذيَّة المستخدمة، ومن ثم لهذا السبب يسبق إعداد أي خطة للنهوض بالواقع الصناعي، إجراءُ تحليل اقتصادي للوضع القائم في القطاع وعلاقته بباقي القطاعات الاقتصاديَّة الأخرى المكونة للناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي تحديد المشكلات والمعوقات، ومن ثمَّ وضع حلولٍ مناسبة محددة بفترة زمنيَّة معينة. بالتالي الورقة البحثيَّة مكونة من أربعة محاور.

الأول:
واقع الاقتصاد العراقي
اعتماد اقتصاد العراق على إنتاج وتصدير النفط الخام كمصدر رئيس للدخل جعل تقلبات أسعار النفط العالميَّة تنعكس بشكل سلبي على هيكل القطاعات الاقتصادية المكونة للناتج المحلي الإجمالي، وأوجد حالة من عدم التوازن بين ما يخصص من عائدات النفط لمتطلبات الموازنة السنويَّة في العراق، وبين ما يخصص من العائدات لتطوير القطاعات القائدة للاقتصاد العراقي كالزراعة والصناعة التحويليَّة.
إنَّ تطبيق سياسات إصلاحيَّة يتطلب التنويع في الموارد الاقتصاديَّة واستغلال الفائض المالي من قطاع النفط لإجراء الإصلاح. والتركيز حالياً على قطاع الصناعة لحل الأزمة الراهنة في البلد. إذ إنَّ الصناعة هي حجر الأساس الذي تبنى عليه اقتصاديات جميع الدول على حد سواء المتقدمة والنامية منها، فهي تسهم بشكلٍ كبير في تحسين مستويات المعيشة وزيادة دخل الفرد، إذ تسهم الصناعة التحويليَّة مساهمة كبيرة في إحلال الواردات وتنمية الصادرات وتنويع مصادر الدخل وتوفير المزيد من العملات الأجنبيَّة وتحسين وضع ميزان المدفوعات.
 
الثاني:
مؤشرات القطاع الصناعي
إنَّ أهم المؤشرات التي تعبر عن واقع قطاع الصناعة في العراق تتمثل في أربعة جوانب تتلخص في أولاً: تدني نسب مساهمة القطاع الصناعي في تكوين الناتج المحلي الإجمالي (GDP)، إذ بلغت أهميته النسبية نحو (2.2 بالمئة) كمتوسط للمدة ( 2014 - 2017).
المؤشر الثاني هو بلوغ نسبة مساهمة القطاع العام الصناعي نحو (59.9 بالمئة) كمتوسط للمدة (2014 - 2017)، في حين بلغت نسبة مساهمة القطاع الخاص الصناعي نحو (40.1 بالمئة) كمتوسط للمدة ذاتها.
أما المؤشر الثالث فهو بلوغ معدل النمو المركب للقيمة المضافة للصناعة التحويليَّة بالأسعار الجارية نحو (5.6 بالمئة)، فيما بلغ معدل النمو المركب بالأسعار الثابتة نحو (4.5 بالمئة).
أما عن تطور المؤشرات الرئيسة للمنشآت الصناعيَّة الكبيرة والمتوسطة والصغيرة للمدة ذاتها فتتضح في الجداول (3,2,1).
الجدول (4) يبين أنَّ عدد المنشآت المتوقفة في تزايد مستمر خلال المدة، وهو يعكس حالة الإهمال التي تعاني منها الصناعة العراقيَّة.
 
الثالث:
التوصيات
من الضروري بناء منشآت صناعيَّة من خلال البناء الجاهز وتزويدها بالمكائن لحل الأزمة الراهنة وتشغيل أعداد كبيرة من العاملين، مع دعم المواد الأولية 
الداخلة في عملية الإنتاج، ومحاولة إنتاج المواد الأوليَّة محلياً.
كما لا تخفى أهمية إعادة تأهيل المنشآت القائمة التي تملكها الدولة، وضرورة النهوض بها، بل وحتى تطوير المنشآت العاملة التي تحتاج ذلك منها على سبيل المثال التركيز على الصناعات كثيفة العمل كصناعات المواد الغذائيَّة، المنسوجات، والكهربائيات.
مثلاً الشركة العامة للصناعات الكهربائيَّة في ديالى تعاني من نقص في أعداد الموظفين، كذلك معمل سجاد كركوك اليدوي وغيرها.
من الضروري بناء شراكة جديدة بين القطاع العام والخاص، أي تحويل المنشأة الى قطاع مختلط عندما يتطلب الأمر ذلك، أو تحويل الشركات الى شركات مساهمة وتشجيع العاملين فيها على امتلاك جزءٍ من أسهم الشركة بحيث يتولد شعور لديهم بضرورة الحفاظ على ممتلكاتهم وتطويرها بما يحقق زيادة في الإنتاج.
يتحتم توفير وتطوير البنى التحتيَّة لتشجيع الاستثمار في القطاع الخاص، والتي بدورها تسهم كثيراً في خفض تكاليف الإنتاج والتي تنعكس بشكل إيجابي على رفع قدرة المنافسة للمنتج الوطني.
الى جانب التركيز على الصناعات التي تتمتع بتشابكات أماميَّة وخلفيَّة قوية مع غيرها من الصناعات مثل صناعة البتروكيمياويات وصناعة التكرير، فضلاً عن تنمية مهارات العاملين في مجال استخدام التكنولوجيا الحديثة.
علاوة على ضرورة الاستعانة بالجهاز المركزي للإحصاء/ مديريَّة الإحصاء الصناعي للحصول على أسماء المنشآت المتوقفة وأماكنها.
 
* الإحصاء الصناعي