الاستثمار والقضاء على البطالة

اقتصادية 2019/12/11
...

صباح محسن كاظم
 
لعلّ أكبر مشكلة تواجه التنمية الاقتصادية (البطالة).. أفواجٌ من الخريجين بجميع الاختصاصات بكل عام تبحث عن فرص العمل، ثمة ضرورة قصوى لحلولٍ جذريَّة لقضية جوهريَّة (استثمار الطاقات والتخلص من البطالة).. من نافلة القول: العراق متعدد الموارد الاقتصاديَّة تبعاً لطوبوغرافية الجغرافيا العراقيَّة من الشمال إلى الجنوب، وتعدد الموارد كفيلٌ بتحقيق الاكتفاء الذاتي. ويستثمر الطاقات للمواطن، ويوفر السلع والخدمات بكل
 المجالات.
لذلك تخططُ الشعوب والأمم والدول في التنمية من خلال استثمار الثروات وتقديم المشروعات التنمويَّة بفتح المصانع وتشغيلها واستيعاب الشباب للقضاء على البطالة، وزيادة الدخل القومي بتنويع الصادرات بعد تلبية السوق المحلية من البضائع والمنتجات.
لعلّ أحد أبرز معاناة الشعب هي البطالة، وبالأخص عند الشباب الخريجين ذوي التخصصات العلميّة المختلفة، فضلاً عن أفواج من العاطلين من غير الخريجين، بالطبع الاقتصاد العراقي أحادي الموارد، فهو يعتمدُ على ريع النفط - الخاضع للتقلبات السعريَّة - في السوق العالميَّة، رغم تنوع ثروات البلاد من تنوع طوبوغرافيته من السهل للصحراء الى المناطق الجبليَّة، التي لو استثمرت بالشكل الأمثل لكان الاقتصاد بصورة مُغايرة ومُختلفة من النمو والرفاهية، فالتنوع الزراعيّ، والسياحيّ ، يَدّرُ على البلادِ ثروة ماليّة ضخمة لو أُحسن استثمار السياحة الدينيَّة والآثاريَّة، باعتبار العراق مهد الحضارات والنبوات ومقامات الأولياء في أرض المقدسات، بينما التوجه بالاعتماد الكلي على صادراتنا النفطيَّة له تأثيراته السلبيَّة الكبيرة في المجتمع بسبب عدم محافظة النفط على سعر بيع
 ثابت.
فمنذ اكتشاف النفط بالعراق مطلع القرن الماضي، نستطيع أنْ نحدد ملامح فترات معينة لاستثمار ثروتنا الوطنيَّة، في مطلع القرن كانت الشركات الاحتكارية لها القدح المُعلى في التنقيب والتصدير ولنا الفتات من موارده، ثم في العهد الملكي بدأ تشكيل مجلس الإعمار الأعلى وبدأت تنشط الحياة الاقتصادية وتوفر فرص العمل، وبعد قيام الجمهورية بدأت عمليات التنمية، ثم بعد النمو الاقتصادي بمرحلة السبعينيات، الحروب المدمرة جعلت العراق يعاني الأزمات ليخرج مثقلاً بالديون بحدود 127 مليار دولار مديونيَّة، وأوقفت عمليات التنمية، ثم العقوبات الدولية، وبعد 2003 شهد العراق قفزة اقتصاديَّة، إذ وصلت الميزانيَّة الى ما يقارب الـ130 مليار دولار، وبدأت مرحلة مهمة من التجارة المفتوحة لكل السلع والبضائع التجاريَّة، وازدهرت الأسواق بالمناشئ العالميَّة والدوليَّة.
لكنَّ حالات الفساد المالي والإداري ومحاولة ضعاف النفوس التجاوز على المال العام، أو هدر المال بطرقٍ ملتوية استنزفت الإيرادات، ما جعلها تعدّ أحد أبرز أسباب التظاهرات اليوم في مدن الوسط 
والجنوب.
مجموعة الحلول تتمثلُ بتنويع الموارد واستغلال الثروات السياحيَّة، والزراعيَّة، والضريبيَّة على المنافذ الحدوديَّة، وتنشيط بيئة الاستثمار، والارتقاء بدورالقطاع الخاص، وترشيد الإنفاق بدوائر الدولة ومؤسساتها، كما أنَّ تحسين القوانين الاقتصاديَّة بحماية المستثمرين والمستهلكين، والاهتمام بالبنك المركزي العراقي والتشجيع على الادخار، والسياسة النقديَّة الملائمة وضبط عمليات بيع العملة ومراقبتها بدقة تسهم بتطوير الواقع الاقتصادي.
من ضمن الحلول أيضاً، المحافظة على سعر صرف الدينار العراقي ومكافحة تهريب العملة، وهدرها بخارج جغرافية البلاد بعقارات ومشروعات لا تخدم الوطن، فضلاً عن توفير فرص العمل للحد من ظاهرة البطالة، وتأثيراتها السلبيَّة في المجتمع.
كما يمكن إحالة الموظفين على التقاعد لمن يبلغ من العمر 60 عاماً مع استثناءات للضرورة حسب حاجة الدائرة لخبراتهم، والأهم الاستثمار الزراعي وتطوير هذا القطاع لاستيعاب أكثر من مليوني فلاح تركوا مزارعهم، فتدعيم الجانب العلميّ بالزراعة يطور الأداء ويسد الأمن 
الغذائيّ.
ومن خلال تسليف جميع العاطلين بسلف عمل مضمونة بالاستيفاء، وإدامة الموارد المنتجة من الثروة الحيوانيَّة، خصوصاً بالأهوار بمشروعات هادفة ومضمونة الأرباح، فهناك مساحات شاسعة متروكة من الأرض بالعراق يمكن استثمارها زراعيّاً من خلال توظيف طاقات الشباب في استصلاح الأرض، وزراعتها، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال المشروعات ليكون الشعار المقبل (نزرع ونأكل بيدنا، نصنع للاكتفاء).