حماية حقوق الإنسان

آراء 2019/12/13
...

محمد صادق جراد
 
تعرّضت حقوق الإنسان في العراق الى انتهاكات خطيرة خلال العقود الماضية ولقد جاءت التجربة الديمقراطية الجديدة لتدعو الى ترسيخ مفاهيم حقوق الانسان في هذا البلد، واليوم تشهد التظاهرات العراقية المطالبة بالإصلاح انتهاكات سافرة لحقوق الانسان. إذ تحرّكت العديد من الاجندات المعادية للعراق والمتضررة من الاصلاح لاجهاض الحركة الاحتجاجية. مايجعلنا أمام تساؤلات عديدة أهمها. من هي الجهات التي تقوم بهذه الانتهاكات؟ وهل سيدفع المواطن العراقي ثمن غياب ثقافة حقوق الانسان؟ وهل فشلت التجربة الديمقراطية في ترسيخ هذه المفاهيم؟ قبل الاجابة عن التساؤلات علينا القول بأنّ انتهاكات حقوق الانسان لم تعد شأنا داخليا ولم تعد أي جهة او طرف قادرا على سحق الجموع خلف الأسوار او تحت الارض او تنفيذ جرائم خطف وتعذيب دون حساب. فالمجتمع الدولي والرأي العام العالمي تشكّل عوامل ضغط على جميع من يقوم بارتكاب جرائم بحق الابرياء. 
وفي الوقت الذي تتواصل فيه التظاهرات وينتظر فيه الشارع العراقي خطوات الإصلاح البطيئة التي تقودها الحكومة والبرلمان تشهد ساحات التظاهر حوادث غريبة تقودها أطراف مجهولة يسقط خلالها عشرات الشهداء في الساحات وتقع العديد من حوادث القتل والطعن والحرق والتي يدفع ثمنها المتظاهر البريء وأصحاب المحال التجارية المحترقة كما تتعرّض لها القوات الأمنية ايضا عبر انتهاكات مختلفة لحقوق الانسان يرتكبها البعض ممن يحاول الدخول على خط الأزمة بين المتظاهرين وبين القوات الامنية لتنفيذ مخططات خبيثة تهدد السلم الأهلي وتجر البلاد الى الفوضى
 والعنف.  
ونحن هنا لسنا بصدد توجيه الاتهام لجهة او طرف او تبرئة طرف اخر بقدر ما نحرص على طرح الموضوع في محاولة لتجنب احداث العنف والقتل والسلب والنهب التي تشكل خطرا على الأمن والاستقرار في البلاد لاسيما العاصمة بغداد وعددا من المحافظات. ومن هنا تقع مسؤولية تاريخية على جميع الاطراف المعنية فالقوات الأمنية مطالبة بتوفير الحماية الكاملة للمتظاهرين وتوفير الأمن لمداخل ومخارج التظاهرات والتعامل بمهنية وفق معايير حقوق الانسان الدولية التي
 تدربت عليها.
 ومن جانب آخر تقع على المتظاهرين مسؤولية التنظيم والتواجد في الاماكن المخصصة للتظاهر وعدم الانجرار وراء دعوات التصعيد والتوجه الى اماكن أخرى حيوية وبعيدة عن ساحات التظاهر والتعرض للخطر. والأهم من ذلك التمييز بين المتظاهر السلمي وغير السلمي ومحاولة إبعاد المندسين والمخربين عن جموع المتظاهرين. 
وعلى الرغم من المواقف المختلفة من التظاهرات إلّا أنّ الجميع يتفق على ضرورة توفير الحماية للمتظاهرين السلميين الذين يتعرضون لجرائم وانتهاكات خطيرة في مجال حقوق الإنسان والكشف عن الأطراف التي تقود تلك الانتهاكات بحق الابرياء ومحاسبتها. وان نعمل جميعا على المحافظة على المكتسبات في مجال حقوق الانسان منذ 2003 وحتى الآن، فإنّ جميع الأطراف معنية بالدفاع عنها ونشر هذه الثقافة والكشف عن الجهات التي تريد أن تعيدنا الى زمن الانتهاكات
والعنف.