محمد شريف أبو ميسم
لم يرد في المحتوى السادس - 3 - من قانون الإدارة المالية والدين العام رقم 95 لسنة 2004 المدجج بأدوات التعويق، أي إشارة للعمل بالبيانات المالية النهائية للسنة السابقة في حال عدم إقرار مشروع قانون الموازنة، وهذا ما أشكل على الحكومة في العام 2014 عندما قامت بالإنفاق خارج شرط الصرف بنسبة 1 الى 12 من المخصصات الفعلية للسنة المالية السابقة بعد تعطيل إقرار قانون الموازنة في ذلك العام، وظل عمل الجهاز الحكومي متلكئاً طيلة سنوات التجاذبات السياسيَّة التي كانت تنسحب على توقيتات إقرار الموازنة بحسب الفقرة -4- من المحتوى ذاته، التي أجازت لوزير المالية أنْ يصادق على أموال وحدات الإنفاق بنسبة 1/12 الى حين المصادقة على الموازنة الجديدة، مشترطة أنْ تستخدم هذه النسبة لسداد (الالتزامات والمرتبات والتقاعد ونفقات الأمن الاجتماعي وخدمات الديون) فقط.
الأمر الذي أعاق ولسنوات كل المحاولات المخلصة لتنفيذ المشاريع جراء التجاذبات السياسية والبيروقراطية والفساد التي أسس لها هذا القانون وسواه من القوانين التي شرعها الحاكم المدني «بول بريمر»، حتى جاء قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 متأخراً في الخامس من آب الماضي، والذي أجاز لوزير المالية في المادة ـــ13ـــ إصدار إعمام يتم بموجبه الصرف بنسبة (1/12) من إجمالي المصروفات الفعلية للنفقات الجارية للسنة المالية السابقة، بعد استبعاد المصروفات غير المتكررة على أساس شهري ولحين المصادقة على الموازنة، بجانب الصرف من إجمالي التخصيص السنوي للمشاريع الاستثمارية المستمرة والمدرجة تخصيصاتها خلال السنة المالية السابقة واللاحقةً حسب الذرعات المنجزة أو التجهيز الفعلي للمشروع، فيما اعتبر البيانات المالية النهائية للسنة السابقة أساساً للبيانات المالية لهذه السنة بمجرد تقديمها الى مجلس النواب لغرض إقرارها.
ما سيجعل الأمر يسيراً أمام البرلمان الحالي والحكومة الجديدة بعد انتهاء مدة عمل حكومة تصريف الأعمال، التي كان بإمكانها تقديم القوانين المهمة في الأسبوع الأول من تصريف الأعمال بحسب ما ورد عن اللجنة المالية النيابية، في معرض تلميحها الى اعتماد ما يسمى بالموازنة المؤقتة. وهذا النوع من الموازنات، إما أنْ تكون على شكل تصديق لنفقات معينة من دون الإيرادات، وإما أنْ تتخذ شكل المصادقة على موازنات شهريَّة شاملة للنفقات والإيرادات معاً، لفترة نفاذ لا تتجاوز شهراً أو شهرين. على أنْ تخصم الاعتمادات التي تقر في الموازنات المؤقتة من مقدار الاعتمادات التي سيصادق عليها في الموازنة الجديدة. وهنا يكون ما ورد في المادة 13 من قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 خياراً أقرب الى الواقع من اعتماد الموازنة المؤقتة، التي ستبقى في العرف التشريعي «نص قانوني» لا يجوز لحكومة تصريف الأعمال إقراره وتقديمه الى مجلس النواب، ما يعني أنَّ توقيت تشريع قانون الإدارة المالية الجديد كان في الوقت المناسب لتسهيل أعمال الحكومة المقبلة.