قانون التقاعد

آراء 2019/12/16
...

سلام مكي
بصدور العدد الأخير من جريدة الوقائع العراقيّة والذي تضمن مجموعة من القوانين المهمة التي صوّت عليها مجلس النواب، فإنّ مجلس النواب، قد أسهم بشكل لافت في تقديم شيء من الحلول للمشاكل التي يعاني منها البلد، والذي يسعى المتظاهرون لتلافيها والعمل على خلق بيئة مناسبة للعيش الكريم. ومن تلك القوانين المنشورة في العدد الأخير من الوقائع هو قانون التعديل الأول لقانون التقاعد رقم 26 لسنة 2019. هذا القانون الذي كان الغرض من تشريعه ضمان توفير درجات وظيفية لاستيعاب الخريجين أصحاب الشهادات العليا. هذا القانون، خلّف جدلا بين الأوساط الرسمية الاكاديمية والشعبية، بين مؤيد للقانون ورافض له. فهناك من يرى أنّه يؤدي الى إفراغ المؤسسات الحكومية من الكفاءات والخبرات، إذ أنّه يحتم على من يبلغ الـ 60 من العمر الإحالة على التقاعد بغض النظر عن خدمته الوظيفية. فهذا النص، من جانب يرى المشرّع أنه يساعد على توفير درجات وظيفية كبيرة نتيجة لحركة الملاك والحذف والاستحداث، وهناك من يرى أنه نص سلبي ولا يحقق مصلحة الجهاز الحكومي. ويرى الرافضون لهذه المادة، أن توفير فرص العمل والوظائف، يتم من خلال أساليب غير هذا الأسلوب، منها اللجوء الى تفعيل القطاع الخاص ودعم المشاريع الصغيرة وتسهيل إجراءات الاستثمار في البلد.
هذا الاجراء يسهم الى حد كبير بتقليل الطلب على الوظائف الحكومية، ومن ثمّ تقل نسبة البطالة بشكل كبير، ثم أنّ هذه المادة تؤدي الى زيادة عدد المتقاعدين الى حد كبير، فضلا عن إرهاق ميزانية الدولة. يبدو أن اتجاه المشرع كان لتوفير فرص العمل بغض النظر عن الآثار الأخرى. الجانب الإيجابي في هذا القانون هو المادة الثانية التي استثنت من شرط العمر مجموعة من الفئات المهمة التي لا يمكن شمولها بالإحالة على التقاعد بسبب دورها المهم، فضلا عن أن عطاءها يكون في هذا العمر وهو مرحلة اكتساب الخبرات والقدرة على تحقيق الأهداف الحقيقية للوظيفة ومن تلك الفئات، المشمولون بالخدمة الجامعية، وخصوصا أساتذة الجامعات.  فالأستاذ الذي يصل الى عمر الستين، يكون في قمة عطائه وبالنتيجة، فإنّ إحالته الى التقاعد أمر غير ممكن. كذلك الأطباء والمستشارون في مجلس الدولة. كذلك استثنى فئات منها المشمولون بقانون الفصل السياسي وقانون مؤسسة الشهداء. كذلك، حافظ القانون على حقوق الموظفين الذين يتم فصلهم أو عزلهم أو استقالتهم أو الاستغناء عن خدماتهم. بخصوص المادة 10 من القانون، فإنّ المشرّع، سعى لإلغاء مبدأ إمكانية الجمع بين راتبين، لكنّه وقبل إقرار القانون، واجه الكثير من الاعتراضات من قبل الفئات المشمولة بالجمع بين راتبين، خصوصا المشمولون بقانون مؤسسة الشهداء والسجناء السياسيين. 
لذا، فإنّ المشرّع وضع المبدأ لكنه استثنى من احكامه الجهات المشمولة بالجمع بين راتبين! في حين لا توجد فئات أخرى! أي لا توجد فئة يمكنها الجمع بين راتبين. إنّ آثار هذا القانون، لا تظهر إلّا بعد تطبيقه، إذ أن إحالة الكثير من الموظفين على التقاعد في سن أكبر، يعني بالضرورة وجود الكثير من الدرجات الوظيفية الشاغرة، مما يتيح لطالبي الوظائف، فرصا كبيرة للحصول عليها، فضلا عن أن تفعيل قانون مجلس الخدمة الاتحادي الذي يعنى بالوظيفة العامة، وينظم شؤون الوظيفة والتعيين، يسهم بشكل كبير في التخلص من الظواهر السلبية وغير القانونية التي كانت ترافق عملية التعيين من المحسوبية وغيرها.