عريان السيد خلف {تل الورد} العابق بالشعر

ثقافة شعبية 2019/12/17
...

سعد صاحب
 
 
الكثير من الشعراء يمتازون بالاسماء الغريبة، والتي كانت احد اسباب شهرتهم الواسعة، ومن المشاهير بهذا المجال، جرير الذي معناه الحبل، والطرماح شاعر اسلامي من العصر الاموي، ويعني طويل القامة، ومبدع عباسي يسمى حماد عجرد واسمه مشتق من المعجرد المتعري، وقد عثرنا بعد جهد على اسم مشابه لشاعرنا الراحل عريان السيد خلف الذي يقول: 
اسمتني امي عريانا لكي اعيش ، وهي قبل ذلك مات لها الكثير من الابناء .
 
 ايقاع
الايقاع الرتيب المتماسك له حضوره الواضح في قصيدة عريان السيد خلف ، وهذا النغم النظامي الهادر ياتي بصحبة التقفية المؤثرة في الاسماع ، مع اختيار الموضوع الشعري الملائم للاسلوب القديم . 
(ردي ردي/ يا ظعن شت عن هله/ وحداي غربة البيه يحدي/ ردي ينباع العشك/ واليا گلب تهوين صدي/ لا تهيجين الجروح/ اجروحي من تنلجم تدي/ وانه من دم ولحم/ مو من  صخر جبدة العندي/ ردي مليت الصبر/ وامگاطر الدمعة اعلى خدي/ وانه خلاني الوكت ناعور/ بس اترس وابدي). 
 
 احلام
في السبعينيات كان الشعر مرغوبا من قبل الناس ، وله وقع كبير في النفوس، وشخصية الشاعر محترمة لكونه لسان القوم المختلفين عن سواهم بالتطلع والاحلام والانتماء، وكانت القصيدة الشعبية بشكل خاص ، تتلاعب في عواطفهم وتحرضهم ضد الباطل، وتذكرهم بمواقف الابطال ومآثرهم الشاخصة في الوجدان . 
(يل مبشر ممحله الروح/ غيمك عزت امطاره / وچثيره الما يهزهه الضيم / چن گلوبهه حجاره/ ولو لذة عشيج الموت / گلبه يموت باسراره / لچن شانت على المذبوح / دمه يضيع فجاره / دفك عينك زمانك ليل / ليل يريدله انطاره / ولا كلشي الجليته يطيح زنجاره / ولا كلمن يموت يضيع تذكاره / هلبت مات جيفارا / هلبت هوشي منه نگطعت اخباره ). 
 
انتصار
ترتبط قصيدة عريان بحياته وما مر فيها من زهو وابداع وخذلان ، وبتجارب الشخوص المقربين عليه ، في المنطقة او المدينة او في حقل السياسة الذي ينتمي اليه ، فاذا كانت تجربة انتصار يكون الفخر واضحا ، وان تحولت الى انكسار يكون البكاء داخليا بلا انين او نشيج .
(ونت طيف المحبة وشوك الولاية/ انت زخات غيمة بگاع صبخاية / يشاتل بالگلب دايات / داية تلوب من داية/ يبو الشط النعيش وياك/ قصة طينته ومايه/ اشتكل لمشذبات الروس/ لو جن ليك شجايه / اشتكل الطاح بين رماح/ كلهه وياه گصايه /اشتگلي وبيك روحي تموت وترد بيك تتحايه). 
 
جمهور
عريان برغم النرجسية والروح الرئاسية المميز فيها، كان واصلا الى جمهور الشعر بشكل واسع، وله الكثير من المعجبين، والسبب يعود لاسلوبه المفهوم في الكتابة، ووضوح افكاره المعبرة عن طموحات الجماهير، وعدم توغله بعيدا في مملكة الشعر الساحرة، واكتفائه بالوقوف في منطقة شعرية محايدة، لا هي كلاسيكية بالكامل، ولا غارقة برطانات الحداثة .
(وحيرتني الماي طيف الگاع/ لو هي الگاع طيفه/ وحيرتني الچف يشيل السيف/ لو هو يشيل سيفه/ وضيفت جرحك جروحي/ وجرح المضيفين يقره ظنون ضيفه/ وكتلي عين الما يونسهه دمعهه / بيا بخت تحوي الدمع/ وليلة التشرب ضواهه / اشيبري من عدهه الشمع ). 
 
غزل
موضوعات الشاعر اغلبها غزلية ، لا تتطلب التفسير المجهد من القارئ، ولا اشغال ذهنه بالاحالات والرموز والتفكير المظني باسرارها ، فهي خالية من الغموض والتراكيب الصعبة ، وتقترب من تدوير المعاني باكثر من قصيدة واعادتها باشكال مختلفة  ، والتوعر الموجود ليس في تجربتها الغريبة ، بل يكون بطبيعة المفردة المستخدمة ذاتها . 
(دخليني هرش فتني العطش/ ما فيض بعد الموت يحييني / دخليني جلج تايه/ يزتني الموج  ما جالي اليوجيني/ دخليني وعدكم يا ملح بالماي / باك النوم البعيني/ وتذكرني وتظن انسيت/ وانه الصبر ناسيني/ واكابر يا عذاب الروح / وين الفرح دليني). 
                        أممية
ارتبط الشاعر منذ شبابه المبكر بالثقافة الماركسية، وكانت تحركه نزعه اممية عالمية ازاء الاحداث الدائرة في الكون، وهذا الانتماء الذي لا يخلو من حماسة وبعض التعصب العقائدي، يفرض عليه الدفاع عن الوطن وعن كل البشر المعذبين في العالم، متنقلا بشكل محسوب بين الافكار الشيوعية والاطروحات القومية والدين .
(يطفال كل العالم يحلوين/ يطفال كل العالم يطيبين/ يطفال شيلي الثايره وفلسطين/ رادت امريكا تبوك كل چلماتكم/ ورادت الظلمة تغطي كل بسماتكم/ وما كدرت الظلمه تسد كل الروازين/ حلوين لو كلما يمر الليل حلوين / رادوا يبعدون الشمس عن الگاع/ ورادوا يمنعون الهوه من الشراع / وظنوا بكل ارصاصهم يكدرون/ يطفون ومضات الفجر بالعيون/ وظلت تلالي عيونكم / وظلت زهية انجومكم/ وجروح كل ثاير نياشين / تروي الوفه وتكبر بساتين . 
                    
 حماس
يتعاطف الشاعر مع الناصرية باعتبارها مسقط راسه، لابد من العودة اليه عند الازمات ، ومع مدينة الثورة (الصدر حاليا) لكونها مرحلة التوهج والاندفاع والشباب والحماس، وكل مكان في الوجود يرتبط به الانسان اما بذكرى سعيدة أو مؤلمة ، وعلى هذا الاساس يكون القرب والبعد من الامكنة والناس والتواريخ والمواقع . 
 (هلي وشرعني هواكم باب للخطوه الغريبة/ وخايرتني اعيونكم ذل لو چتل/ وانه والموت التحمنه بمايكم ساك وحجل/ الروح شاخص والعمر بركة گمر/ والموت ظل/ وويه كل لمضة زمر گلبي رصاصة/ ويه كل لهبة اصرخ بدمي اشتعل/ الدنيه من ايشح ضواهه الدم بكل حيله يهل). 
                           اهداف
انقطع الشاعر عن الكتابة القيمة الاصيلة في اواخر ايام حياته، ولاعب كرة القدم الماهر حين يتجاوز عتبة الثلاثين يعجز عن تسجيل الاهداف، والقليل من المبدعين جاءت اسهاماتهم العظيمة في اللحظات الاخيرة من العمر، وحتى الراقص المرن يفشل عند الشيخوخة من اداء الحركات الصعبة . 
(ابره بيدك واغسل ذنوبي وواكح مستحاي/ واگطع بروحي العطش ومروة الحلوين ماي/ يضيع جروحي غواهه/ ويعتلك شوگي جرح وانت دواي/ ومامش المامش بعيني جزيرة/ ونية وحشة وفكر ما صافي اعلى راي/ يداهر عيوني حلمهه بليلة ظلمه/ وگبل ما يغفى الچفن يطفى ضواي). 
                             
حمّى
الحب عند الشاعر زاد يومي لا يمكن الاستغناء عنه، والعشق حمى متأججة الحرارة، تزيد خطورتها عندما نمضي صوب المشيب، والعاشق الكبير يخضع مجبرا لسلطة الخوف والتخفي والعيب، ويؤطر تجاربه بالسكوت والنكران والصبر والمواساة والكتابة . 
(على طولك اشعلني وصيح بيه الصوت /  انه بطرك النفس بين الحيا والموت/ واسري بنبض دمي الشهكة الزردوم /حب تالي العمر علته من البسكوت/ يا شايل حلاوة خوف الحديثات / ومحمل سحر ضحكة بنات بيوت). 
 
  جندي
الشاعر جندي باسل في ساحة المعركة، لا ينسحب منها من دون النصر أوالشهادة ، يقاتل بالضد من الغزاة والسراق والقاتلين ، ولا يقف في صف الطغاة الذين لا يحترمون حرمة الدماء الزكية، ويجب مقاومة الطاغي العنيد، الى ان يتسلم الحكم رجال وطنيون يؤمنون بالشعب ويخافون من الله والقانون. 
(جور شما طفح غيضك على الناس/ سليل الضيم الك بالساس نداس/ لون تكبر حقد نكبر علامات/ وجذب شمس الظهر بالباع تنجاس/ تذل كثرة الگصص حد لطخة الطين/ وگصصنه بشدة التاريخ تنباس/ فرق بين اليبيع اسمه وسجاياه/ وما بين الوفي الما دنك الراس .