الشعر قرين الرفض

آراء 2019/12/18
...

حسين السلمان
 
دوما يميل شعر الاحتجاج إلى التشبيه وهو يمتلك تأثيراً أكثر بلاغة وأقوى فعلاً في النفس البشرية كما يجسده الشاعر أجود مجبل :تَركوا حزنَ المقاهي وأتَوا / وبِهِم قمحٌ وشمسٌ وظِلالُ / أيقظُوا الساحاتِ مِن نِسيانِها / ثُمَّ قالوا فوقَها ما لا يُقالُ /غَرَسوا أرضَ الأغاني عِنباً /دائميّاً هُمْ لهُ الآنَ سِلالُ ..
ليس لزاما أن يكون المشبه والمشبه به يأتيان بترابط نحوي مباشر .فالمشبه لابد وأن يثير غرابة تتطلب دليلاً مقنعاً للمتلقي ، وأن المشبه به يظل في موقع المثال أو الشاهد مؤكدا عقلانيته واقترابه  من الحس الإدراكي .من هنا يقترب الشاعر كفاح وتوت حين قال : لنا قلوب كجمّار يحطّبنا الضيم /المرير فنشدو وهو يقتحم / لسنا سوى صورة للصبر نوقده / رغم اقتحام الآسى نرقى ونبتسم . ويرافقه في هذا المجال الشاعر طالب حسن : أي وطن هذا / وأصابعنا الدامية نزفت حتى حليب الأمهات ؟!
 
خواص الاحتجاج
يمكن وضع بعض من الخواص لمفهوم الاحتجاج الشعري الذي يتقدم عبر: المعنى ، الإثارة ، الغرابة ، الدليل ، الشاهد . في الأولى يتقدم الشاعر أجود : في ساحاتِ التحريرِ 
الآنَ
يوجدُ هواءٌ غيرُ مستعمَل .وفي الثانية  يقسم به الشاعر سعد صلال :أقول ( هنا العراق ) وصدقوني / بأن الأمر أصبح لا يطاق . وفي الثالثة ومن بعيد تلك المسافات العابرة للقارات يأتي الشعر محمولا على أكتاف الرثاء بصوت الشاعر نعيم عبد مهلهل :يا وهج الدمعة /هذه مدينة الآلهة وبيوت الطين /لا تسرقوا رجالها /لأنهم صيرورة الحلم وليل الحنين .وفي الرابعة يمتزج الشعر بوثائقية الحدث فيقدم الشاعر رياض العلي : تطالبون بمعجزة..هذه 
حمامة..
ارق كائنات الله..لم تجد سوى جثة الشهيد ..كي ترتاح . وفي الأخيرة يتقدم الشاعر نبيل نعمة..يا إلهي كسروا باب الحياة /أطلقوا الجناة قبل الأوان/ ذروا على الجراح الملح /هشموا زجاج الهواء/لا تتعجب إنّا مذعورين من النافذة خرجنا..
هناك نوع آخر من الاحتجاج يمكن أن أسميه الاحتجاج الناعم الذي يعمل على تحريك العقل أكثر مما يذهب إلى تفعيل العاطفة ، لذا فانه لا يلاقي تشجيعاً أو اهتماماً من لدن المتلقي المشحون بنار الموت ولهيب النار وسموم الدخان ، وهناك شعراء يمكن وصفهم بحصان الشعر الذي لا يكل من الصهيل والجري المتواصل .ان صوت الاحتجاج هنا يأخذ طابعاً تمردياً فيه من العنف الكثير ، وهو يحتاج لدراسة خاصة بسبب تفرده .
 
المتلقي والاحتجاج
عادة يمنح الاحتجاج الشعر مكانة متقدمة تعمل على إحداث تأثير قوي في نفس ووجدان المتلقي  الذي يشعر بفارق كبير ، ضمن حركة منظومة أحاسيسه ومشاعره وطغيان تفاعل وجدانيته ، قبل سماع الشعر وما بعده . ومن هنا تصبح مهمة خلق القناعة من العناصر الفاعلة في بنائية القصيدة وحسن اختيارها للمفردة وقدرتها في الغوص في أعمق أعماق النفس البشرية . 
وهنا لابد للشعر أن يكون قادرا على إزالة الشك وكشف كل الملابسات  التي تطفو على ساحة الاحتجاج ، فالشعر هنا يحتاج لان يضع الأشياء في موضعها الحق .وهذا تجسد في قول نعيم عبد مهلهل : سألوا أعمى يستمع الى الهتافات ..ما الذي تحسهُ ؟:
قال عيوني وقد تحولت إلى نافذة وترى نعوش 
الشهداء..
واضح لنا جميعاً ان الخوف غادر الوطن بكامله ، لان كل من يدخل ساحات التظاهر يعرف أن الخوف يعيق الحياة . وهذا ما أفرزته لنا مستويات عديدة في ظاهرة الاحتجاج في الشعر وفي بقية الفنون الأخرى التي نعمل على تحليلها في مقالات لاحقة خاصة الشعر العامي الذي أقدم انموذجاً منه :يل تكتلنا رايك خاف متدري/ هذن طلقاتك أتلقاهن بصدري/ آنه من القماط أحلامه مبيوكات / آنه الكون كله يسولف بصبري/ آنه للشغل ما عنده كروه يروح/ آنه الغارقة سجينته بنحري/ هي حجاية وحدة ما تصير اثنين/ واحسبها عليَّ جوعان ويهذري/ آنه وتاج راسك ميصير نعيش/ لازم ينوخذ لو عمره لو عمري" . 
وهو موضوعنا القادم {النعوش في صباح الناصرية 
طيور}
 
دوما يميل شعر الاحتجاج إلى التشبيه وهو يمتلك تأثيراً أكثر بلاغة وأقوى فعلاً في النفس البشرية كما يجسده الشاعر أجود مجبل :تَركوا حزنَ المقاهي وأتَوا / وبِهِم قمحٌ وشمسٌ وظِلالُ / أيقظُوا الساحاتِ مِن نِسيانِها / ثُمَّ قالوا فوقَها ما لا يُقالُ /غَرَسوا أرضَ الأغاني عِنباً /دائميّاً هُمْ لهُ الآنَ سِلالُ ..
ليس لزاما أن يكون المشبه والمشبه به يأتيان بترابط نحوي مباشر .فالمشبه لابد وأن يثير غرابة تتطلب دليلاً مقنعاً للمتلقي ، وأن المشبه به يظل في موقع المثال أو الشاهد مؤكدا عقلانيته واقترابه  من الحس الإدراكي .من هنا يقترب الشاعر كفاح وتوت حين قال : لنا قلوب كجمّار يحطّبنا الضيم /المرير فنشدو وهو يقتحم / لسنا سوى صورة للصبر نوقده / رغم اقتحام الآسى نرقى ونبتسم . ويرافقه في هذا المجال الشاعر طالب حسن : أي وطن هذا / وأصابعنا الدامية نزفت حتى حليب الأمهات ؟!
 
خواص الاحتجاج
يمكن وضع بعض من الخواص لمفهوم الاحتجاج الشعري الذي يتقدم عبر: المعنى ، الإثارة ، الغرابة ، الدليل ، الشاهد . في الأولى يتقدم الشاعر أجود : في ساحاتِ التحريرِ 
الآنَ
يوجدُ هواءٌ غيرُ مستعمَل .وفي الثانية  يقسم به الشاعر سعد صلال :أقول ( هنا العراق ) وصدقوني / بأن الأمر أصبح لا يطاق . وفي الثالثة ومن بعيد تلك المسافات العابرة للقارات يأتي الشعر محمولا على أكتاف الرثاء بصوت الشاعر نعيم عبد مهلهل :يا وهج الدمعة /هذه مدينة الآلهة وبيوت الطين /لا تسرقوا رجالها /لأنهم صيرورة الحلم وليل الحنين .وفي الرابعة يمتزج الشعر بوثائقية الحدث فيقدم الشاعر رياض العلي : تطالبون بمعجزة..هذه 
حمامة..
ارق كائنات الله..لم تجد سوى جثة الشهيد ..كي ترتاح . وفي الأخيرة يتقدم الشاعر نبيل نعمة..يا إلهي كسروا باب الحياة /أطلقوا الجناة قبل الأوان/ ذروا على الجراح الملح /هشموا زجاج الهواء/لا تتعجب إنّا مذعورين من النافذة خرجنا..
هناك نوع آخر من الاحتجاج يمكن أن أسميه الاحتجاج الناعم الذي يعمل على تحريك العقل أكثر مما يذهب إلى تفعيل العاطفة ، لذا فانه لا يلاقي تشجيعاً أو اهتماماً من لدن المتلقي المشحون بنار الموت ولهيب النار وسموم الدخان ، وهناك شعراء يمكن وصفهم بحصان الشعر الذي لا يكل من الصهيل والجري المتواصل .ان صوت الاحتجاج هنا يأخذ طابعاً تمردياً فيه من العنف الكثير ، وهو يحتاج لدراسة خاصة بسبب تفرده .
 
المتلقي والاحتجاج
عادة يمنح الاحتجاج الشعر مكانة متقدمة تعمل على إحداث تأثير قوي في نفس ووجدان المتلقي  الذي يشعر بفارق كبير ، ضمن حركة منظومة أحاسيسه ومشاعره وطغيان تفاعل وجدانيته ، قبل سماع الشعر وما بعده . ومن هنا تصبح مهمة خلق القناعة من العناصر الفاعلة في بنائية القصيدة وحسن اختيارها للمفردة وقدرتها في الغوص في أعمق أعماق النفس البشرية . 
وهنا لابد للشعر أن يكون قادرا على إزالة الشك وكشف كل الملابسات  التي تطفو على ساحة الاحتجاج ، فالشعر هنا يحتاج لان يضع الأشياء في موضعها الحق .وهذا تجسد في قول نعيم عبد مهلهل : سألوا أعمى يستمع الى الهتافات ..ما الذي تحسهُ ؟:
قال عيوني وقد تحولت إلى نافذة وترى نعوش 
الشهداء..
واضح لنا جميعاً ان الخوف غادر الوطن بكامله ، لان كل من يدخل ساحات التظاهر يعرف أن الخوف يعيق الحياة . وهذا ما أفرزته لنا مستويات عديدة في ظاهرة الاحتجاج في الشعر وفي بقية الفنون الأخرى التي نعمل على تحليلها في مقالات لاحقة خاصة الشعر العامي الذي أقدم انموذجاً منه :يل تكتلنا رايك خاف متدري/ هذن طلقاتك أتلقاهن بصدري/ آنه من القماط أحلامه مبيوكات / آنه الكون كله يسولف بصبري/ آنه للشغل ما عنده كروه يروح/ آنه الغارقة سجينته بنحري/ هي حجاية وحدة ما تصير اثنين/ واحسبها عليَّ جوعان ويهذري/ آنه وتاج راسك ميصير نعيش/ لازم ينوخذ لو عمره لو عمري" . 
وهو موضوعنا القادم {النعوش في صباح الناصرية 
طيور}