تعدُّ مبادرة دعم المنتج الوطني من بين الأمور المهمة التي أفرزتها التظاهرات الشعبية في العراق وربما بدأت نتائجها تظهر بشكل ملحوظ وسريع بعد أنْ ازداد الطلب على عددٍ من المنتجات المحليَّة الصنع، ولكنَّ السؤال هل المبادرة مؤقتة أم المطلوب أنْ تستمر؟
وهل تحتاج الى ستراتيجية ورؤية كلية لكي تأتي ثمارها أم لا؟ وهل هناك أدوارٌ أخرى يجب أنْ يتم اعتمادها من قبل المنتج والحكومة، أم إنَّ الدور كله يقع على عاتق المستهلك؟ وغيرها من الأسئلة التي يجب استدراكها لكي لا تنتهي هذه المبادرة المهمة بعد مدة قصيرة من دون نتائج حقيقيَّة تنعكس إيجاباً على جميع
الأطراف.
بالتأكيد الموضوع بحاجة الى مساحة أكبر لمناقشته ولكنْ سأكتفي في هذا العمود بالإشارة الى بعض الإجابات السريعة بشأن ما طرح من أسئلة، وإقول إنَّ نجاح المبادرة يحتاج الى تكاتف جميع الأطراف (المنتج، المستهلك، الحكومة)، وإلا فإنَّ مشاركة المستهلك في المبادرة لمدة يوم أو أسبوع أو شهر حتى، لن تعطي القدرة للمنتَج المحلي على المنافسة مع المنتج الأجنبي ما لم نمكّن المنتِج من أدوات القدرة التنافسيَّة واستدامتها، ومن بينها قيام الحكومة بمعالجة ما يسمى بـ" نقاط الاختناق" بما فيها من مشكلات في الإنتاج والتسويق والخزن، فضلاً عن سياسات الإغراق التي تتبعها الجهات المصدرة الى العراق وهذه موضوعات بحاجة الى تفاصيل لا يسع المجال
لها.
من جانب آخر يجب على المنتِج أو صاحب المشروع أنْ يأخذ بنظر الاعتبار محددات المنافسة وفي مقدمتها السعر وأنْ يدرك بأنَّه ليس جميع المستهلكين قادرين على مواكبة الطلب على المنتَج المحلي لمدة طويلة مع ارتفاع سعره بالمقارنة مع المنتَج الأجنبي وأنْ يتم اعتماد سياسات سعريَّة قادرة على المنافسة من قبيل تخفيض الأسعار في المرحلة الأولى لحين الوصول الى ما يسمى بـ "اقتصاديات الحجم" وهذه المرحلة من الإنتاج تعطي القدرة على الربح مع تخفيض الأسعار، فضلاً عن أهمية التسويق بشكل حديث يغري المستهلك على الاستمرار بالطلب على المنتج دون تركه الى منتجات بديلة أخرى، وإذا ما تكاملت هذه الأدوات الثلاث فإنَّ حركة الإنتاج المحلي ستدور، ما يولد انعكاسات إيجابيَّة في الجوانب الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة
والسياسيَّة.