سيتم إدراج شركة النفط السعوديَّة العملاقة قريباً في سوق الأوراق الماليَّة، ما قد يجعل منها الشركة التي تتمتع بأكبر قيمة في سوق البورصة في العالم أمام عمالقة الويب.. ولكي نفهم الثقل الاقتصادي لشركة أرامكو السعوديَّة جيداً، يمكننا المقارنة بشركة النفط الحكوميَّة التي تستغل الموارد الهائلة للمملكة العربيَّة السعوديَّة، إذ بلغت إيرادات أرامكو السعوديَّة 355,9 مليار دولار في العام 2018 ، أي أكثر من ضعفي ونصف ضعف عائدات شركة ألفابيت (الشركة الأم لغوغل).
ومن خلال تجميع أرباحها للأعوام 2017 و2018، البالغة 70 مليار دولار ثم 111 مليار دولار، فإنَّ أرامكو السعوديَّة كان من الممكن أن تمنح منافستها الفرنسيَّة (توتال) CAC 40 وهو أحد مؤشرات بورصة باريس التي بلغت قيمتها في سوق البورصة مؤخراً نحو 138 مليار يورو.
إذنْ، سيتم عرض هذا العملاق هائل الحجم الذي تملكه العربيَّة السعوديَّة قريباً في سوق الأسهم، إذ تؤكد أرامكو عزمها دخول (تداول) – وهي السوق الماليَّة الوطنيَّة السعوديَّة – كما قالت الشركة على "تويتر" في الأسبوع الفائت.. وكان رئيس مجلس إدارة أرامكو ياسر الرميان قد ذكر في تصريح نقلته وكالة فرانس برس قائلا: "إنها خطوة مهمَّة في تاريخ الشركة وتقدمٌ مهم لتحقيق (رؤية 2030) – وهي الخطة الرئيسة للمملكة من أجل التنويع الاقتصادي والنمو المستدامين".
وتمثل (رؤية 2030) مبادرة يجسدها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي يعتزم إصلاح المملكة العربيَّة السعوديَّة للتحضير لمستقبل أقل اعتماداً على هذه الهبة النفطيَّة.
لقد أسهمت الحرب التي قادها النظام في اليمن، فضلاً عن الاغتيال الوحشي للصحفي جمال خاشقجي في تقويض الصورة الإصلاحيَّة التي كان يتمتع بها بن سلمان منذ عامين، لكنَّ المكون الاقتصادي لخطته لعام 2030 يعتمد الى حدٍ كبيرٍ على تحول أرامكو السعوديَّة.
ومن المتوقع أنْ تبيع أرامكو 5 بالمئة من رأس مالها، الذي تخصص 2 بالمئة منه لـ (تداول)، ومن المتوقع أنْ تنضم الشركة الى مركز مالي دولي في العام 2020 وفقاً لمصدر في وكالة فرانس برس.. كما يمكن أنْ يصل تقييم سوق البورصة لارامكو السعوديَّة الى ما بين 1500 - 1700 مليار دولار، متقدمة بفارق كبير أمام العملاقين الحاليين وهما مايكروسوفت وآبل – ما يعادل نحو 1100 مليار دولار حسب تقديرات ياهو.
والى جانب هذه البيانات الماليَّة المذهلة، تدين ارامكو بقيمتها للموارد النفطيَّة الاستثنائيَّة للعربيَّة السعوديَّة، إذ تمتلك 16 بالمئة من احتياطي النفط في العالم، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركيَّة.. وتنتج شركة ارامكو السعوديَّة يومياً نحو 12 مليون برميل، كما تفتخر الشركة السعوديَّة العملاقة باحتياطياتها لمدة 52 عاماً، أي أكثر بكثير من احتياطي النفط لدى شركات النفط الكبرى الأخرى مثل (اكسون موبيل، شل، شيفرون، توتال، وبي بي).
وكانت هجمات الحوثيين، في أيلول، ضد منشآت النفط السعوديَّة قد هزت ارامكو السعوديَّة والبلاد بأكملها، ما أدى الى تعليق الإنتاج في مواجهة الشكوك التي يمكن أنْ تثير التقلبات الجيوسياسيَّة لدى المستثمرين، في الوقت الذي تحاول فيه الشركة تطمين عملائها من خلال إصدار وثيقة مخصصة للمستثمرين جاء فيها: "لا تتوقع الشركة أنْ يكون لهذه الهجمات تأثير كبير في أعمالها ووضعها المالي أو عملياتها"، كما وعدت ارامكو عملاءها قبل كل شيء أن يكون إنتاجها الأول في البورصة مربحاً للغاية، مشيرة في وثائقها المخصصة للمستثمرين الى أنها تتوقع الحصول على أرباح قدرها 75 مليار دولار في العام 2020، فهل هنالك ما يثير شهيَّة المستثمرين أكثر.
عن مجلة باري ماتش الفرنسيَّة