ميكا مدغشقر..غالبية عمال مناجمه من الأطفال

بانوراما 2019/12/22
...

كيت هودال
ترجمة: ليندا أدور
 
 
أظهر استطلاع بأن الآلاف من الأطفال يبحثون في ظل ظروف مميتة عن معادن تستخدم، على نطاق واسع، بصناعة السيارات والأجهزة الألكترونية، إذ يشكل الأطفال الذين بعمر خمس سنوات أكثر من نصف عدد عمال المناجم المنقبين عن معدن "الميكا" في مدغشقر. فقد كشف الاستطلاع الذي أجرته منظمة أرض الانسان/هولندا Terre des Hommes Netherlands، على مدى عام كامل، أن ما لا يقل عن 11 الف طفل تتراوح أعمارهم بين (5 - 17) عاما يعملون باستخراج الحجارة ومعالجة المعادن اللماعة المقاومة للحرارة، التي تدخل ضمن صناعة الكثير من الأشياء بدءا من مساحيق التجميل الى طلاء السيارات. 
عمل خطر
وجد الباحثون أن الأطفال يشكلون ما نسبته 62 بالمئة من اجمالي القوى العاملة بقطاع المناجم، فالبعض منهم، يحفرون بأيديهم في الأرض بحثا عن الميكا. يعد هذا النوع من العمل خطرا، اذ يشكو الاطفال من ألم في العضلات وتقرحات ومشكلات بالتنفس، وفقا للتقرير الذي نشرته منظمة أرض الأنسان والمركز الألماني للبحوث عن الشركات  المتعددة الجنسيات. يقول خوسيه دو فوغد من منظمة أرض الانسان: "ان حقيقة كون أكثر من نصف عمال المناجم هم أقل من السن القانونية، صادمة ويجب ان ينظر لها كدعوة على مستوى العالم للتحرك بشأنها" مضيفا بأن "ما يقرب من 90 بالمئة من الميكا المنقب عنه في مدغشقر يتم تصديره مباشرة الى الصين، وقد كشف البحث الذي أجريناه بأن الشركات المعنية بالأمر لا تبذل جهدا للوقوف على مصدر منتجهم أو ماهية ظروف العمل، لذا عليهم تحمل المسؤولية وايقاف عملية استغلال الأطفال". وأشار التقرير الى أن الجفاف وعدم الاستقرار والفقر المدقع في مناطق جنوب مدغشقر، حيث مناجم الميكا، أجبر أسرا  بكاملها على الذهاب الى المناجم معا بهدف البحث والحفر ومعالجة المعادن. من بين 13 منجما، زاره فريق الباحثين، كان منجمان فقط لديهما تراخيص بالعمل لا تزال نافذة. يتسلم عمال المناجم، من الصغار أو الكبار على حد سواء، أجرا يبلغ 34 بنسا للكيلوغرام الواحد من الميكا، وهو أقل من نصف ما يدفع لأقرانهم في الهند، رغم أن صادرات الميكا قد قفزت بمقدار 30 بالمئة منذ العام 2008.  
 
تنقيب غير قانوني
بعد سلسلة من الاستطلاعات البارزة بمجال صناعة الميكا في الهند، إذ يتم تشغيل نحو 20 الف طفل، وجد أن 90 بالمئة من المناجم يعتقد بأنها تعمل بلا تصاريح عمل، وتعهدت الحكومة الهندية سنة 2017 باضفاء الصبغة القانونية لعملية استخراج هذا المعدن الثمين. وقد كشف تقرير نشرته مؤسسة  تومسون رويترز مؤخرا، بأن التنقيب غير القانوني لا يزال متفشيا في جهارخاند، واحدة من أبرز الولايات الهندية بمجال تعدين الميكا،  إذ يعمل الأطفال ويلقون حتفهم اثناء الحفر!  
يشير الاستطلاع الى أن مدغشقر هي ثالث أكبر دولة مصدرة للميكا على مستوى العالم، بأرباح بلغت نحو سبعة ملايين دولار سنة 2017، وقد تفوقت هذه البلاد الفقيرة على الهند، كأكبر مصدر لصفائح الميكا، التي تستخدم ضمن صناعة السيارات والطائرات والعزل الكهربائي، لكن ثلاثة أرباع سكان مدغشقر البالغ عددهم نحو 26 مليون نسمة، يعيشون على أقل من دولارين في
 اليوم. 
وجد الباحثون أن حتى الأطفال الأصغر سنا الذين ينقبون عن الميكا يعملون بدوام كامل، ويتقاضون راتبا لم يكن ليكفيهم حتى لتأمين أكثر من وجبة طعام واحدة". تقول إينيكو هورفاث، من مركز موارد الأعمال التجارية وحقوق الأنسان: "انه لأمر مؤسف أن هذا النوع من سوء المعاملة لا يزال موجودا ضمن سلسلة تجهيز المعادن" مضيفة "يسلط هذا التقرير الضوء على حاجة الشركات الى الالتزام الدقيق بحقوق الانسان والعناية الواجبة بهدف الحد من استغلال العمال والمجتمعات
 المستضعفة". 
 
مجتمعات مستضعفة
وفقا لتقرير "أرض الانسان" فان الميكا المستخرج من مدغشقر ينتهي به المطاف الى الاسلاك والقابلوات والأجهزة وصناعة السيارات وغيرها، وان 87 بالمئة من مجمل الميكا المستخرج ينقل بالقوارب الى الصين إذ تتم معالجته أو أرساله الى الشركات. 
حدد الباحثون 100 مستورد ومصدر، بعضهم شركات بارزة، لكن 30 منهم فقط تم الاتصال بهم لأجل الحصول على تعليق. 
"نحن لا ندعو لمقاطعة الميكا المنتج في مدغشقر، لأن غالبية عوائل المنطقة العاملة على استخراجه، هم من الفقراء ويعتمدون عليه في كسب الرزق الذي يوفره لهم" يقول دي فوغد، مضيفا: "لكن يجب منع سوء استغلال الاطفال وان على الشركات اتخاذ موقف لرفع أجور عمال المناجم من الكبار، لكي يتمكنوا من كسب مصدر عيش
مناسب".
 
صحيفة الغارديان البريطانية